تشتمل الخطة المقترحة لعلاج مشاكل الشباب على ثلاثة عناصر، هي :
أولاً : الاستجابة للحاجات الأساسية للشباب.
ثانياً : علاج الحالات السلوكية التي تصدر عن الشباب نتيجة تعرضهم للمشاكل.
ثالثاً : اعتماد استراتيجية وقائية إسلامية من مشاكل الشباب.
أولاً : الاستجابة للحاجات الأساسية المتعلقة بهوية، وحرية، ومعافاة، وأمن الشباب، وإشباعها بالقدر الكافي بهدف التصدي بكيفية جذرية وناجعة لمشاكل الشباب في العالم الإسلامي :
1. العناية بهوية الشباب من خلال :
ـ تنظيم حملات تركز على الفهم الصحيح للإسلام عقيدة وعلماً وعملاً.
ـ تنظيم حلقات وبرامج للعناية بالصحة الإنجابية، والوقاية الصحية لفائدة الشباب والمراهقين يساهم في تنظيمها الخبراء الشباب والجهات الصحية.
ـ إعداد برامج توعية الآباء والأمهات بأساليب توعية وإرشاد وتربية الشباب والمراهقين وخاصة في الجوانب الدينية والثقافية والصحية.
ـ إعداد طرق لتسهيل تكوين الأسر على الشباب الذين وصلوا إلى مرحلة الزواج ومساعدتهم على الحصول على السكن والمعلومات الضرورية حول الصحة الإنجابية.
ـ تشجيع الجمعيات والمنظمات الدينية والثقافية والاجتماعية والترفيهية والرياضية، وترغيب الشباب في المشاركة في أنشطتها.
2. العناية بحرية الشباب في العالم الإسلامي عن طريق :
ـ العناية بالإعلام المكتوب والمسموع والمرئي الهادف الموجه للشباب، وجعله أكثر ملائما لحاجاتهم وميولهم ومستجيبا لواقع حياتهم كما وكيفا.
ـ مقاومة وسائل الإعلام ذات البرامج الهدامة للشباب المسلم.
ـ العناية بتشغيل الشباب بمراعاة ميولهم وقدراتهم، واعتماد طرق ابتكارية جديدة لإيجاد مناصب تشغيلهم.
ـ العناية بالترفيه الفردي والجماعي السليم للشباب.
3. العناية بمعافاة الشباب في العالم الإسلامي وذلك عن طريق :
ـ زيادة الاهتمام بتمدرس الأطفال (الإناث والذكور) في الحواضر والبوادي.
ـ دعم فعالية برامج محو الأمية للإناث والذكورسواء في الحواضر أو البوادي.
ـ تعزيز جهود المرافق الصحية والطبية لتمكينها من استقبال أكبر عدد ممكن من الشباب.
ـ العناية بالبوادي على الخصوص بالعمل على توفير مايكفي من الماء الصالح للشرب، وإيجاد مرافق التصريف الصحي الكافية.
ـ توفير فرص التعبير الشفوي والكتابي وفرص التواصل بين الشباب بتسخير مختلف وسائل التعبير : الكلمة، الصورة، الصوت، الحركة، إلخ.
4. العناية بأمن الشباب في العالم الإسلامي عن طريق :
ـ وضع برامج لحماية الأمن الفردي للشباب من شتى أنواع المخاطر.
ـ بذل قصارى الجهد لتوفير الأمن الجماعي للشباب في المناطق ذات الحاجة الملحة.
ثانياً : علاج الحالات الناتجة عن مشاكل الشباب من انحراف و تعاطي المخدرات وغيرها من الاضطرابات باعتماد الطرق المعروفة لدى الأخصائيين.
ثالثاً : اعتماد استراتيجية وقائية إسلامية متطورة للحد من مشاكل الشباب في العالم الإسلامي.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هو :
كيف يمكن تصور استراتيجية إسلامية للوقاية من مشاكل الشباب في العالم الإسلامي ؟
إن الاتجاه العام للوقاية يرى ضرورة إدراج الوقاية في إطار التنمية الشاملة، هذه التنمية التي ترتكز على تلبية الحاجات الأساسية للأفراد والجماعات المتعلقة بالأمن والراحة والحرية والهوية.
وانطلاقا من هذا المنظور التنموي للوقاية، يجب على كل المؤسسات في المجتمع أن تتحمل بإخلاص جزءا من المسؤولية في العمل الوقائي، فنجد على المستوى القطري مخططات وقائية واضحة المعالم ومبنية على البحث العلمي، ومؤسسات رسمية وغير رسمية أعدت برامج عملها وفق معطيات هذه المخططات، وعلى المستوى المحلي نجد السلطات المحلية المنتخبة من سكان الحي التي تتعاون مع الهيئات والمؤسسات والمصالح الاجتماعية لتطبيق البرنامج الوقائي وفق المعطيات المحلية لتسهيل وتعزيز الدور التربوي والاجتماعي للأسرة والمدرسة والمسجد والملعب وباقي المؤسسات الاجتماعية.
وللتصدي لمشاكل الشباب في العالم الإسلامي بالوقاية منها لابد من تجميع الأفكار والمقترحات والأهداف والتدابير في تصور شمولي موحد في إطار استراتيجية إسلامية للوقاية من مشاكل الشباب في العالم الإسلامي.
ولكن لنتساءل في البداية عن مدلول الاستراتيجية ومدى الحاجة إليها، والمبادئ التي يمكن أن ترتكز عليها والأهداف التي تعتزم تحقيقها والوسائل التي تقصد تسخيرها هذه الاستراتيجية هي(1) : مجموعة الأفكار والمبادئ التي تتناول ميدانا من ميادين النشاط الإنساني بصورة شاملة متكاملة، وتكون ذات دلالة على وسائل العمل ومتطلباته واتجاهات مساراته بقصد إحداث تغييرات فيه وصولا إلى أهداف محددة، وما دامت معنية بالمستقبل فإنها تأخذ بنظر الاعتبار احتمالات متعددة لأحداثه، فتنطوي على قابلية للتعديل وفقا لمقتضياته.
وعلى هذا الأساس فالاستراتيجية الإسلامية للوقاية من مشاكل الشباب في العالم الإسلامي هي مجموعة الأفكار والمبادئ التي تتناول ميدان الوقاية من مشاكل الشباب في العالم الإسلامي ولها أهداف محددة ووسائل إحداث تغيرات لتحقيق أهداف هذه الوقاية.
وإن ضرورة إعداد هذه الاستراتيجية وتصورها نابع من عدة معطيات إسلامية وعلمية وديموغرافية. فالإسلام يوصي بالعناية بالشباب والأخذ بيده حتى يكتمل ويصل إلى الرشد، وحاجة العالم الإسلامي إلى شباب ناضج وكامل وقادر على مواجهة متطلبات الدعوة إلى الله ومسايرة متطلبات العصر العلمية والمعرفية والتكنولوجية وغيرها من شروط استمرار المجتمع الإسلامي.
والتصدي لمشاكل الشباب والوقاية منها وما يترتب عنها من تبعات مادية ومعنوية أمر يستدعي تصور وإعداد وتنفيذ هذه الإستراتيجية.
فكيف يمكن تصور مبادئ وأهداف ووسائل تحقيق أهداف استراتيجية إسلامية للوقاية من مشاكل الشباب في العالم الإسلامي ؟
إن المبادئ التي يمكن تصورها لاعتمادها في هذه الاستراتيجية يمكن إيجازها فيما يلي :
1. مبدأ الدين: انطلاقا من تعاليم الدين الإسلامي في العبادات والمعاملات والقيم النبيلة التي يحث عليها كتاب الله وسنة رسوله، وتجارب الحضارة الإسلامية عبر القرون.
2. المبدأ الإنساني : حيث إن المسلم فرد من أفراد المجتمع الإنساني يهمه أن يسودها السلم والأمن والطمأنينة.
3. المبدأ التنموي: بمراعاة إدراج العناية بالشباب في إطار التخطيط التنموي لأقطار العالم الإسلامي انطلاقا من التنمية الشاملة للإنسان.
4. المبدأ التربوي : بما يشمله من رعاية تربوية وتعليمية، وتنشئة لأفراد المجتمع وخاصة الأطفال والشباب وما يوكل إليهم من أمر لحمايتهم ووقايتهم من المخاطر.
5. مبدأ الاستجابة لمتطلبات النمو الديمغرافي والاستجابة للحاجات المتزايدة التي يطرحها تزايد السكان على مختلف الأصعدة التي يستلزمها ضمان العيش الكريم لأفراد الأمة.
6. مبدأ التغيير والتطوير : ومجابهة المخاطر والمشاكل والصعوبات للرفع من نوعية الحياة للأفراد والجماعات في كل جزء من أجزاء الأقطار الإسلامية.
والأهداف التي يمكن تصورها في إطار استراتيجية إسلامية للوقاية يمكن حصرها فيما يلي :
أولا : الهدف العام الأول : ويتعلق بتحقيق رعاية وحماية وتربية ووقاية للشباب حتى يكتمل نضجهم وتكوينهم ورشدهم.
ثانيا : الهدف العام الثاني : وهو هدف إشباع الحاجات الأساسية للشباب والاستجابة لها بشكل منتظم وفق برامج ومخططات للحد من المشاكل.
ثالثا : الهدف العام الثالث : ويتعلق بتحقيق نضج ورشد الشباب عن طريق مساعدته للوصول إلى :
1. النضج الانفعالي.
2. الرشد الفكري.
3. الاستقلال الاقتصادي.
4. اكتساب الفهم الصحيح للدين والتمسك به.
5. اكتساب نضج وسلوك جنسي وإنجابي سليم.
6. تكوين أسرة.
7. معرفة باستغلال وقت الفراغ.
8. النضج الاجتماعي.
الوسائل :
الوسائل التي يمكن تسخيرها لتحقيق الأهداف الآنفة الذكر نوجز أهمها فيما يلي :
* إنشاء مرصد إسلامي لقضايا الشباب، تكون له فروع في كل قطر إسلامي وفروع صغيرة أخرى داخل القطر الواحد، هدفه جمع المعلومات عن الشباب وقضاياهم ومشاكلهم وإعداد البرامج التربوية والتثقيفية والاجتماعية وغيرها لفائدة الشباب والأسرة.
* التفكير في إنشاء مجلس للشباب في كل قطر إسلامي يسمع فيه صوت الشباب ومعاناتهم وفرحهم ويساعد على فهم حقيقة أمورهم.
* التفكير في تنظيم ورشات دائمة ـ ثقافية وعلمية وصناعية، وفلاحية، وتجارية... للشباب في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي للتكوين والإنتاج والعمل والإبداع كبديل يمكن أن يخفف من مشكلة تشغيل الشباب وحصولهم على العمل في العالم الإسلامي.
* إعلام خاص بالشباب وقضاياهم ومشاكلهم ونجاحاتهم، إعلام من الشباب وللشباب، إعلام للحوار والتواصل مع الشباب في العالم الإسلامي.
* مزيد من العناية باستغلال وقت الفراغ عند الشباب، وتطوير أنشطة وقت الفراغ لدى الشباب وتنويعها لتشمل الأنشطة الترفيهية والترويحية والفنية والرياضية والثقافية وغيرها.
* تطوير دور الأسرة والمدرسة والمسجد والملعب ودار الشباب وتعزيزه ومده بالتصورات والأساليب الحديثة لرعاية الشباب تثقيفيا واجتماعيا.
* تفعيل دور المسجد والدعاة والأئمة في تثقيف الشباب بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومقاصد شريعته السمحة في سائر مناحي الحياة.