ذات يوم قال أسطورة الملاكمة العالمية محمد علي كلاي ، تعليقاً على رغبة أحد منافسيه "جوفورايزر" في أنه سيقوم بتدريب ابنه ليصبح ملاكماً مثله : " أما أنا فأرغب في أن يصبح ابني طبيباً أو محامياً ، ويتعلم اللغات الأجنبية ، فلقد حرمت من التعليم الجيد ،والآن أنا أملك المال الكافي ، والذهني لمعرفة أهمية التعليم "، ورغم أنه نجح في تحقيق طموحه لأبنائه ، ومنهم ليلى التي أنهت دراسة إدارة الأعمال في كلية سانتا مونيكا ، وكانت تستعد للدراسات العليا في المجال ذاته في جامعة جنوب كاليفورنيا ، إلا أن حب الملاكمة الذي يسري في عروق العائلة لم يلبث أن تغلب على رغبة الملاكم " الأعظم " الذي وجد نفسه يسير ليلة 8 أكتوبر 1999م إلى صالة كازينو تورنينج ستون في نيويورك ليشاهد ليلى أصغر بناته تخوض نزالها الأول في عالم الاحتراف؛ وتحقق فوزاً سريعاً بالضربة القاضية على منافستها النادلة أبريل فاولر بعد مرور 31 ثانية فقط من الجولة الأولى.
اعتبر المقربون من أسرة الملاكم العملاق أن ابنته ليلى المولودة في 30 ديسمبر 1977 هي الأقرب إلى قلب محمد علي كلاي، بل والأكثر شبها به ، وقد منحها والدها دعماً مالياً لافتتاح محل التجميل الخاص بها في ولاية كاليفورنيا لتعيش من مهنة بعيدة تماما عن مهنته العنيفة التي جمع منها ملايينه، وأصبح من خلالها بطلا قومياً وعالمياً ،وإلى جانب ممارستها مهنة التجميل انخرطت ليلى في دروس للفنون القتالية وتحديداً " الكيك بوكسينج" كهاوية، فبعد أن شاهدت ذات يوم على شاشة التلفزيون نزالا للملاكمة النسائية قررت دخول هذا العالم الجديد غير الغريب عنها ، ورغم معارضة والدها دخولها هذا المجال عليها من الأذى إلا أنه لم يستطع سوى أن يدعم ابنته المدللة متمنياً في الوقت ذاته أن تكون تلك الرغبة ولعا عابراً ستعود بعده إلى عالم التجميل والدراسة العليا.
قوام مثالي وموهبة فطرية
استعمل الصحفيون المتخصصون في الملاكمة لوصف نزالات ليلى أوصافاً أطلقوها من قبل على والدها الأسطورة مثل " تتحرك كالفراشة وتلسع كالنحلة"، فقد أثبتت ليلى أنها ابنة أبيها من خلال الموهبة الفطرية والرشاقة في الحركة على الحلبة، ولم تكن تستطيع ذلك لولا جسمها المثالي كملاكمة ( 1,74 طولاً و76 كجم وزناً ) وتدريبها المستمر طوال أكثر من عام قبل نزالها الأول وبمعدل 6 أيام في الأسبوع ، وقد أشرف على تدريبها داب هانتلي ومساعده جوني ما كلين وهو في الوقت ذاته صديق ليلى ومشجعها الأول على الاستمرار في عالم الملاكمة النسائية حينها ، وزوجها حالياً والذي افتتح معها مؤخراً صالة للتدريب الرياضي باسم " صالة اللياقة والملاكمة الخالصة".
وقد تزامن دخول ليلى عالم الملاكمة مع دخول ابنتين لاثنين من عمالقة الملاكمة السابقين اللذين خاضا نزالات شهيرة أمام محمد علي كلاي هما جاكلين فرايزر ابنة جوفرايزر، وفريدة فورمان ابنة جورج فورمان ، مما جعل الجمهور والصحافة يتساءلون عن وجود جهة تدير هذا الأمر ، وتستغل شهرة بنات الملاكمين الكبار ، لكن ليلى كانت الأكثر ملائمة من الاثنتين الأخريين للفوز بالبطولات ، وحصد الجوائز ، بفضل ما تتمتع به من بنية جسدية ، وحب جارف للتدريب والنجاح ، فجاكلين فرايزر تبلغ من العمر 38 عاماً عند احترافها وهي محامية وأم لثلاث بنات، أما فريدة فورمان فقد احترفت وعمرها 23 عاماً ، أي أكبر من ليلى بعام واحد ، ولكنها بدينة ولا تحمل من والدها الملاكم الشهير سوى الاسم والشبه في الوجه ، وتكاد تكون مقتنعة بالعيش في ظل رعاية والدها والعمل مندوبة مبيعات.
علي ـ فرايزر 4
يحمل سجل ليلى منذ احترافها في 8 أكتوبر 1999م وحتى نزالها الأخير في 14 فبراير الماضي 14 انتصاراً دون خسارة من بينها 11 انتصاراً باللكمة القاضية غير أن أكثر هذه الانتصارات إثارة هو فوزها على منافستها جاكي فرايزر يوم 8 يونيو 2001، وقد أطلقت الصحافة والمنظمون على ذلك النزال اسم ( علي ـ فرايزر 4 ) في إشارة إلى النزالات الثلاثة التي جمعت بين والديهما على لقب بطولة العالم في سنوات السبعينات من القرن الماضي ، وانتهى نزالان منهما بفوز محمد علي كلاي ، وفاز فرايزر بنزال واحد ، وقد أقيم النزال في مدينة فيرونا بحضور عدد من نجوم الملاكمة العالمية وأساطيرها: جوفرايزر ، وروبن كارتر الملقب بالإعصار ، وشوجار راي ، ولم يحضر محمد علي كلاي ، وقد شهد النزال إثارة كبرى قبل بدايته من خلال حرب التصريحات التي تذكرنا بتصريحات والديهما وقالت ليلى قبل النزال: " عندما سأقضي عليها أريدها أن تعلم أنها لم تخلق للملاكمة ، لن أجاملها ،أريد أن يستمر التقليد العائلي " ، في إشارة إلى فوز والدها على والد جاكي ( مرتين ) ، وقد انتهى النزال بفوز ليلى بالنقاط 79 ـ 73 ، 77 ـ 75 ، 76 ـ 76 بعد ثماني جولات حافلة ، وبعد النزال هنأ فرايزر ليلى ، وأشاد بأدائها الذي أهلّها للفوز ، وكان ذلك الفوز هو العاشر على التوالي لليلى ، فيما كانت الخسارة الأولى لجاكي فرايزر بعد 7 انتصارات منذ احترافها قبل 17 شهراً ، وكانت جاكي الابنة الحادية عشرة لجو فرايزر من 6 زيجات وخاضت النزال وعمرها 39 عاماً أي أكبر من ليلى ب16 عاماً .
وللسجل نقدم حصيلة ليلى محمد علي كلاي أو ليلى علي كما يطلق عليها في أوساط الصحافة والملاكمة في أمريكا:
? في 8 أكتوبر 1999 فازت على أبريل فاولر باللكمة القاضية بعد 31 ثانية من بداية النزال، وأعقبت ذلك بالفوز بسبع نزالات متتالية في عامها الاحترافي الأول، وكانت جميع النزالات مع ملاكمات غير مشهورات ، وانتهت جميعها باللكمة القاضية.
? في أكتوبر 2000 فازت على حملة اللقب (الملاكمة الصلبة ) كيندرا ليند هارت بالنقاط.
? في 3 مايو 2001 فازت باللكمة الفنية القاضية في الجولة الخامسة على كرستينا روبنسون.
? في 8 يونيو 2001 فازت على جاكي فرايزر بالنقاط بحضور حشد زاد عن 8000 متفرج وقد بيعت تذاكر النزال كاملة قبل أيام من الموعد.
? بعد أن غابت عن الحلبات طوال سنة كاملة بسبب إجراء عملية جراحية في الكتف عادت ليلى وفازت على شيرفيل وليامز يوم 7 يونيو 2002 باللكمة الفنية القاضية في الجولة الثانية من النزال على لقب بطولة سوبر الوزن المتوسط ( آي بي أي ) التي جرت في صالة فندق علاء الدين في لاس فيجاس.
? في 8 نوفمبر فازت بلقب سوبر الوزن المتوسط حسب تصنيف اتحادي ( دبليو آي بي أف) بعد الفوز على حاملة اللقبين فاليري ماهفود بقرار من حكم النزال جوكورتيز الذي أوقف النزال في الجولة الثامنة عندما كانت ليلى متقدمة بالنقاط 14 ـ 1.
? في 14 فبراير 2003 دافعت عن لقبها بنجاح وهزمت الملاكمة المخضرمة ماري أن الماجير ذات خبرة العشر سنوات ، وقد فازت ليلى باللكمة الفنية القاضية في الجولة الرابعة من النزال.
وطوال هذه النزالات لم يحضر والدها سوى ثلاثة نزالات فيما حضرت والدتها فيرونيكا عدداً أكبر من النزالات.
جمال وشخصية
حلّت ليلى ضيفة على العديد من مجلات الرياضة والأناقة ، وحتى المجلات ذات الطابع السياسي مثل " التايم " ، وكانت نجمة الغلاف لمعظم هذه المجلات ، ففي مجال الأناقة تصدّرت صورتها ، وخصص لها الموضوع الرئيسي لمجلات " فوج" ، " ايبوني" ، "ايليت" ، "ييل" ، " اسبن" ،"ماري كلير" ،"مدموزيل" في طبعاتها الأمريكية والعالمية، كما تصدرت الغلاف والموضوعات الرئيسية لمجلات الرياضة والرشاقة:"هارت اند سول" ، "جيت" ،"مسكولار دفلوبمنت" ، "بورهوس" ، "فاتي فير" ، "فايب" ، " سبورت ايلوستريتد" ،إلى جانب المجلات العامة: "التايم" ، "يو إس ويكلي" ،"تودي بلاك" ، وفي معظم هذه اللقاءات كان القاسم المشترك صورة النجم محمد علي كلاي ، وهو يحمل ويقبل طفلته الرضيعة ليلى عندما كان عمرها 3 أشهر.. كما حلّت ضيفة على العديد من البرامج الشهيرة ومن أبرزها " صباح الخير أمريكا" ، " تونايت شو" مع مقدم البرامج الشهير جاي لينو، وحلّت ضيفة على النسخة الأمريكية من برنامج " من سيربح المليون؟" ، وقد استفادت ليلى من نجاحها الرياضي والإعلامي ، والإشادة الواسعة بشخصياتها من خلال الأحاديث الصحفية ، والمقابلات التلفزيونية فأصدرت كتاباً بعنوان " ريتش " أي الوصول ، وقد حقق الكتاب رواجا كبيراً في أوساط الموزعين ، ولم يكن الكتاب مخصصاً لسرد السيرة والنجاح في عالم الملاكمة بل للحديث عن كلب ما يهم المرأة والشابات في الولايات المتحدة بدءاً بالرياضة والرشاقة، ووصولاً إلى المطالعة والدراسة وبناء الشخصية ومروراً بالمشكلات التي قد تواجه الفتيات ، حيث تقدم ليلى نصائح لبنات حواء للتغلب على المشكلات الجسدية والنفسية وبعض هذه النصائح من التجربة الشخصية لليلى ، والبعض الآخر من تجارب الآخرين ، ونصائح المختصين ، وقد علل أحد الخبراء في مجال الكتب التي يصدرها المشاهير أن كتاب" ليلى تميز عن سابقيه بأنه أراد أن يؤسس لجمعية غير مادية هي جمعية صديقات ومعجبات ليلى التي تعني الجمال والقوة البدنية والقوة الشخصية والحرص على النجاح في جميع مجالات الحياة المتاحة أمام المرأة عبر الإصرار وبذل الجهد ، وبذلك خرج من صيغة الكتب التي تروي السيرة الشخصية للنجوم التي تكون مزيفة في معظم الأحيان".
واليوم تقضي ليلى حياتها بين صالة الرياضة التي تمتلكها مع زوجها ومتابعة العمل في صالون التجميل الذي لم تغلقه لكنها أوكلت إدراتها لإحدى المساعدات بعد أن كانت تديره بنفسها ، ولا تزال تتدرب بقوة استعداداً للدفاع عن ألقابها العالمية الثلاثة، ولا تفكر حالياً في الإنجاب وإهداء والدها الأسطورة حفيداً قد يكون في السنوات المقبلة بطلاً للعالم ...
باتريسيا لوبوك
أميـــــــرة الـــجـــولــــــف
تراها في ساحات الجولف الخضراء الشاسعة، تتنقل من مكان إلى آخر ،بحثاً وترقباً للكرة المطاطية الصغيرة ، إنها لاعبة الجولف الفرنسية " باتريسيا مونيار لوبوك" ، التي صنعت وحققت المعجزة التي عجزت عن تحقيقها الكثيرات من لاعبات الجولف المحترفات ، وهي الفوز على نجمة الجولف العالمية السويدية"أنيكا سورنستام" بفارق ضربة واحدة لاغير.
ولدت باتريسيا في السادس عشر من سبتمبر سنة 1972م ، في مدينة ديجون الفرنسية وسط عائلة مثقفة ،والدها طبيب مختص في التدليك،وعمتها مختصة في طب الأعصاب وهي الدكتورة ذائعة الصيت في فرنسا" نيكول أورتيس" .. بدأت ممارسة هذه الرياضة في الثالثة عشرة من عمرها ، وقد صرحت في إحدى الندوات الصحفية:" لقد عشقت الجولف منذ طفولتي ، فكنت أتطلع للمشاركة في المنافسات الدولية، وأنا صغيرة ، وكنت أؤمن بقيم هذه الرياضة وبمبادئها .. لاسيما أن والدي كان الحافز الأكبر الذي دفعني لممارستها ، فقد كان دائماً يقول لي إن هذه الرياضة فريدة من نوعها ، وهي رياضة الأثرياء والشخصيات الكبيرة.. ورغم أنني كنت أعشق كرة المضرب، إلا أنني فضلت الجولف ،لموهبتي واحترافي الكبيرين في لعبها ، لاسيما أنك عندما تدخل إلى تلك المساحة الخضراء ، تتفتح روحك وينعشك ذلك الاخضرار ، هذا كله كان سبباً قوياً لحب هذه الرياضة والتعلق بها".
وعند بلوغ باتريسيا سن الخامسة عشرة ، انضمت لأحد النوادي الفرنسية وهو نادي " جولف جاك" ، حيث تعلمت المبادئ العلمية لهذه الرياضة ،والخطوات الأولى للعبها ،ومن ثم انتقلت لنادي لافيت ديجون ، الذي مكثت فيه لمدة طويلة تقارب السبع سنوات ،فاستفادت منه الكثير ، لاسيما تقنيات وأبعاد لعبة الجولف الراقية ، وكيفية ضرب الكرة بالاعتماد على حسن التركيز والدقة.
وشاركت باتريسيا في أول بطولة لها، وكان ذلك في سنة 1992م، حيث حصلت على لقب بطولة فرنسا للمواهب النسوية ، وبعدها بقليل انضمت لنادي بورجون الفرنسي العريق ،ودخلت عندئذ عالم الاحتراف من أبوابه الواسعة وذلك منذ شهر ديسمبر من سنة 1993 فكثرت مشاركاتها بعد ذلك في عدة بطولات أوروبية ودولية، أهمها: بطولة انجلترا لسنة 1994 وإيرلندا سنة 1997 وبطولتا فرنسا وأستراليا في سنة 2000 وقد حصدت خلال الدورة والبطولة الأوروبية عدداً لا بأس به من الانتصارات ، قدر بخمسة انتصارات مما جعلها تحظى بنجاح كبير خلال تجاربها تلك.
وأخيراً وفي سنة 2001 قررت " باتريسيا مونيار لوبوك" الانضمام إلى اتحاد الجولف للمحترفات ( LPGA) وكانت عندئذ فرحة بهذا الانضمام ، ووجودها بين لاعبات محترفات كان حلماً كبيراً بالنسبة لها ، فلم تكن أبداً تتخيل أنها ستصبح في يوم ما لاعبة جولف مشهورة ،ومنذ ذلك الوقت وباتريسيا تشارك في دورات الجمعيات الأوروبية والبطولات الأمريكية ، ولم تبتعد عن ملاعب الجولف الخضراء للحظة ، وقد سطرت وحققت إنجازات رائعة على مستوى هذه الرياضة ، مما جعلها تتقاسم الشهرة لفترة طويلة مع بطلات ونجمات الجولف الشهيرات ، ومن بينهن ألمعهن السويدية "أنيكا سورنستام" رقم واحد عالمياً في هذه الرياضة.
وتعترف (باتريسيا) ذات الثلاثين عاماً : لقد وجدت خلال احترافي رياضة الجولف ، أنني أؤدي خدمة وطنية لبلدي فرنسا ،لاسيما من خلال اشتراكي في المنافسات العالمية بكل جدية وروح إحترافية هادفة إلى رفع علم فرنسا عالياً".
ويقول زوجها "أنطوان لوبوك" وهو أستاذ في رياضة الجولف :" إن زوجتي لاعبة محترفة ولديها ميزة مهمة وهي الدقة والتركيز على الهدف ، وأنا كمدرب لها ، وبالتغاضي عن كوني زوج لها ، أعترف بمهارتها وإمكاناتها وقدرتها على الفوز ، فلديها روح المنافسة والمضي قدماً نحو تحقيق الفوز ، وتطلعها للأمام يجعلها دائماً مفتوحة الشهية ومتعطشة لتحقيق أهدافها أنها كالطفلة الصغيرة ، حيث أنها تجد في ملعب الجولف حرية مدهشة لا مثيل لها ، فتراها تتحرك وتقفز من مكان إلى آخر".
أما " باتريسيا" فتعترف قائلة :" إن زوجي أنطوان أساتذي وأنا جد فخورة بكوني تلميذته النجيبة .. وقد ساعدني كثيراً للوصول إلى ما أنا عليه الآن من تقدم وشهرة".
وقد أصبحت " باتريسيا لوبوك" لاعبة الجولف الفرنسية الثانية بعد اللاعبة المشهورة" كاترين لاكوست" الفائزة بلقب البطولة في منافسة الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1967.
" باتريسيا مونيار لوبوك" تصنع الحدث بفوزها في أول جولة للموسم على نظيرتها السويدية النجمة " أنيكا سورنستام" بمجموع 281 نقطة لباتريسيا مقابل 282 لأنيكا ، أي بفارق نقطة واحدة فقط .. أمر لا يصدق ، إنه نقطة انطلاق ناجحة نحو عالم النجومية لدى باتريسيا ، لم تكن لتحلم بهذا قط ، غير أنها توصلت إلى لعب الجولة الأخيرة مع النحترفة " أنيكا" .. كان ذلك في بطولة ( رانشو ميراج ) بعد ثلاثة أيام متتالية ، وفي اليوم الأخير.. الجميع يحبس أنفاسه لاسيما زوج باتريسيا انطوان
اعتبر المقربون من أسرة الملاكم العملاق أن ابنته ليلى المولودة في 30 ديسمبر 1977 هي الأقرب إلى قلب محمد علي كلاي، بل والأكثر شبها به ، وقد منحها والدها دعماً مالياً لافتتاح محل التجميل الخاص بها في ولاية كاليفورنيا لتعيش من مهنة بعيدة تماما عن مهنته العنيفة التي جمع منها ملايينه، وأصبح من خلالها بطلا قومياً وعالمياً ،وإلى جانب ممارستها مهنة التجميل انخرطت ليلى في دروس للفنون القتالية وتحديداً " الكيك بوكسينج" كهاوية، فبعد أن شاهدت ذات يوم على شاشة التلفزيون نزالا للملاكمة النسائية قررت دخول هذا العالم الجديد غير الغريب عنها ، ورغم معارضة والدها دخولها هذا المجال عليها من الأذى إلا أنه لم يستطع سوى أن يدعم ابنته المدللة متمنياً في الوقت ذاته أن تكون تلك الرغبة ولعا عابراً ستعود بعده إلى عالم التجميل والدراسة العليا.
قوام مثالي وموهبة فطرية
استعمل الصحفيون المتخصصون في الملاكمة لوصف نزالات ليلى أوصافاً أطلقوها من قبل على والدها الأسطورة مثل " تتحرك كالفراشة وتلسع كالنحلة"، فقد أثبتت ليلى أنها ابنة أبيها من خلال الموهبة الفطرية والرشاقة في الحركة على الحلبة، ولم تكن تستطيع ذلك لولا جسمها المثالي كملاكمة ( 1,74 طولاً و76 كجم وزناً ) وتدريبها المستمر طوال أكثر من عام قبل نزالها الأول وبمعدل 6 أيام في الأسبوع ، وقد أشرف على تدريبها داب هانتلي ومساعده جوني ما كلين وهو في الوقت ذاته صديق ليلى ومشجعها الأول على الاستمرار في عالم الملاكمة النسائية حينها ، وزوجها حالياً والذي افتتح معها مؤخراً صالة للتدريب الرياضي باسم " صالة اللياقة والملاكمة الخالصة".
وقد تزامن دخول ليلى عالم الملاكمة مع دخول ابنتين لاثنين من عمالقة الملاكمة السابقين اللذين خاضا نزالات شهيرة أمام محمد علي كلاي هما جاكلين فرايزر ابنة جوفرايزر، وفريدة فورمان ابنة جورج فورمان ، مما جعل الجمهور والصحافة يتساءلون عن وجود جهة تدير هذا الأمر ، وتستغل شهرة بنات الملاكمين الكبار ، لكن ليلى كانت الأكثر ملائمة من الاثنتين الأخريين للفوز بالبطولات ، وحصد الجوائز ، بفضل ما تتمتع به من بنية جسدية ، وحب جارف للتدريب والنجاح ، فجاكلين فرايزر تبلغ من العمر 38 عاماً عند احترافها وهي محامية وأم لثلاث بنات، أما فريدة فورمان فقد احترفت وعمرها 23 عاماً ، أي أكبر من ليلى بعام واحد ، ولكنها بدينة ولا تحمل من والدها الملاكم الشهير سوى الاسم والشبه في الوجه ، وتكاد تكون مقتنعة بالعيش في ظل رعاية والدها والعمل مندوبة مبيعات.
علي ـ فرايزر 4
يحمل سجل ليلى منذ احترافها في 8 أكتوبر 1999م وحتى نزالها الأخير في 14 فبراير الماضي 14 انتصاراً دون خسارة من بينها 11 انتصاراً باللكمة القاضية غير أن أكثر هذه الانتصارات إثارة هو فوزها على منافستها جاكي فرايزر يوم 8 يونيو 2001، وقد أطلقت الصحافة والمنظمون على ذلك النزال اسم ( علي ـ فرايزر 4 ) في إشارة إلى النزالات الثلاثة التي جمعت بين والديهما على لقب بطولة العالم في سنوات السبعينات من القرن الماضي ، وانتهى نزالان منهما بفوز محمد علي كلاي ، وفاز فرايزر بنزال واحد ، وقد أقيم النزال في مدينة فيرونا بحضور عدد من نجوم الملاكمة العالمية وأساطيرها: جوفرايزر ، وروبن كارتر الملقب بالإعصار ، وشوجار راي ، ولم يحضر محمد علي كلاي ، وقد شهد النزال إثارة كبرى قبل بدايته من خلال حرب التصريحات التي تذكرنا بتصريحات والديهما وقالت ليلى قبل النزال: " عندما سأقضي عليها أريدها أن تعلم أنها لم تخلق للملاكمة ، لن أجاملها ،أريد أن يستمر التقليد العائلي " ، في إشارة إلى فوز والدها على والد جاكي ( مرتين ) ، وقد انتهى النزال بفوز ليلى بالنقاط 79 ـ 73 ، 77 ـ 75 ، 76 ـ 76 بعد ثماني جولات حافلة ، وبعد النزال هنأ فرايزر ليلى ، وأشاد بأدائها الذي أهلّها للفوز ، وكان ذلك الفوز هو العاشر على التوالي لليلى ، فيما كانت الخسارة الأولى لجاكي فرايزر بعد 7 انتصارات منذ احترافها قبل 17 شهراً ، وكانت جاكي الابنة الحادية عشرة لجو فرايزر من 6 زيجات وخاضت النزال وعمرها 39 عاماً أي أكبر من ليلى ب16 عاماً .
وللسجل نقدم حصيلة ليلى محمد علي كلاي أو ليلى علي كما يطلق عليها في أوساط الصحافة والملاكمة في أمريكا:
? في 8 أكتوبر 1999 فازت على أبريل فاولر باللكمة القاضية بعد 31 ثانية من بداية النزال، وأعقبت ذلك بالفوز بسبع نزالات متتالية في عامها الاحترافي الأول، وكانت جميع النزالات مع ملاكمات غير مشهورات ، وانتهت جميعها باللكمة القاضية.
? في أكتوبر 2000 فازت على حملة اللقب (الملاكمة الصلبة ) كيندرا ليند هارت بالنقاط.
? في 3 مايو 2001 فازت باللكمة الفنية القاضية في الجولة الخامسة على كرستينا روبنسون.
? في 8 يونيو 2001 فازت على جاكي فرايزر بالنقاط بحضور حشد زاد عن 8000 متفرج وقد بيعت تذاكر النزال كاملة قبل أيام من الموعد.
? بعد أن غابت عن الحلبات طوال سنة كاملة بسبب إجراء عملية جراحية في الكتف عادت ليلى وفازت على شيرفيل وليامز يوم 7 يونيو 2002 باللكمة الفنية القاضية في الجولة الثانية من النزال على لقب بطولة سوبر الوزن المتوسط ( آي بي أي ) التي جرت في صالة فندق علاء الدين في لاس فيجاس.
? في 8 نوفمبر فازت بلقب سوبر الوزن المتوسط حسب تصنيف اتحادي ( دبليو آي بي أف) بعد الفوز على حاملة اللقبين فاليري ماهفود بقرار من حكم النزال جوكورتيز الذي أوقف النزال في الجولة الثامنة عندما كانت ليلى متقدمة بالنقاط 14 ـ 1.
? في 14 فبراير 2003 دافعت عن لقبها بنجاح وهزمت الملاكمة المخضرمة ماري أن الماجير ذات خبرة العشر سنوات ، وقد فازت ليلى باللكمة الفنية القاضية في الجولة الرابعة من النزال.
وطوال هذه النزالات لم يحضر والدها سوى ثلاثة نزالات فيما حضرت والدتها فيرونيكا عدداً أكبر من النزالات.
جمال وشخصية
حلّت ليلى ضيفة على العديد من مجلات الرياضة والأناقة ، وحتى المجلات ذات الطابع السياسي مثل " التايم " ، وكانت نجمة الغلاف لمعظم هذه المجلات ، ففي مجال الأناقة تصدّرت صورتها ، وخصص لها الموضوع الرئيسي لمجلات " فوج" ، " ايبوني" ، "ايليت" ، "ييل" ، " اسبن" ،"ماري كلير" ،"مدموزيل" في طبعاتها الأمريكية والعالمية، كما تصدرت الغلاف والموضوعات الرئيسية لمجلات الرياضة والرشاقة:"هارت اند سول" ، "جيت" ،"مسكولار دفلوبمنت" ، "بورهوس" ، "فاتي فير" ، "فايب" ، " سبورت ايلوستريتد" ،إلى جانب المجلات العامة: "التايم" ، "يو إس ويكلي" ،"تودي بلاك" ، وفي معظم هذه اللقاءات كان القاسم المشترك صورة النجم محمد علي كلاي ، وهو يحمل ويقبل طفلته الرضيعة ليلى عندما كان عمرها 3 أشهر.. كما حلّت ضيفة على العديد من البرامج الشهيرة ومن أبرزها " صباح الخير أمريكا" ، " تونايت شو" مع مقدم البرامج الشهير جاي لينو، وحلّت ضيفة على النسخة الأمريكية من برنامج " من سيربح المليون؟" ، وقد استفادت ليلى من نجاحها الرياضي والإعلامي ، والإشادة الواسعة بشخصياتها من خلال الأحاديث الصحفية ، والمقابلات التلفزيونية فأصدرت كتاباً بعنوان " ريتش " أي الوصول ، وقد حقق الكتاب رواجا كبيراً في أوساط الموزعين ، ولم يكن الكتاب مخصصاً لسرد السيرة والنجاح في عالم الملاكمة بل للحديث عن كلب ما يهم المرأة والشابات في الولايات المتحدة بدءاً بالرياضة والرشاقة، ووصولاً إلى المطالعة والدراسة وبناء الشخصية ومروراً بالمشكلات التي قد تواجه الفتيات ، حيث تقدم ليلى نصائح لبنات حواء للتغلب على المشكلات الجسدية والنفسية وبعض هذه النصائح من التجربة الشخصية لليلى ، والبعض الآخر من تجارب الآخرين ، ونصائح المختصين ، وقد علل أحد الخبراء في مجال الكتب التي يصدرها المشاهير أن كتاب" ليلى تميز عن سابقيه بأنه أراد أن يؤسس لجمعية غير مادية هي جمعية صديقات ومعجبات ليلى التي تعني الجمال والقوة البدنية والقوة الشخصية والحرص على النجاح في جميع مجالات الحياة المتاحة أمام المرأة عبر الإصرار وبذل الجهد ، وبذلك خرج من صيغة الكتب التي تروي السيرة الشخصية للنجوم التي تكون مزيفة في معظم الأحيان".
واليوم تقضي ليلى حياتها بين صالة الرياضة التي تمتلكها مع زوجها ومتابعة العمل في صالون التجميل الذي لم تغلقه لكنها أوكلت إدراتها لإحدى المساعدات بعد أن كانت تديره بنفسها ، ولا تزال تتدرب بقوة استعداداً للدفاع عن ألقابها العالمية الثلاثة، ولا تفكر حالياً في الإنجاب وإهداء والدها الأسطورة حفيداً قد يكون في السنوات المقبلة بطلاً للعالم ...
باتريسيا لوبوك
أميـــــــرة الـــجـــولــــــف
تراها في ساحات الجولف الخضراء الشاسعة، تتنقل من مكان إلى آخر ،بحثاً وترقباً للكرة المطاطية الصغيرة ، إنها لاعبة الجولف الفرنسية " باتريسيا مونيار لوبوك" ، التي صنعت وحققت المعجزة التي عجزت عن تحقيقها الكثيرات من لاعبات الجولف المحترفات ، وهي الفوز على نجمة الجولف العالمية السويدية"أنيكا سورنستام" بفارق ضربة واحدة لاغير.
ولدت باتريسيا في السادس عشر من سبتمبر سنة 1972م ، في مدينة ديجون الفرنسية وسط عائلة مثقفة ،والدها طبيب مختص في التدليك،وعمتها مختصة في طب الأعصاب وهي الدكتورة ذائعة الصيت في فرنسا" نيكول أورتيس" .. بدأت ممارسة هذه الرياضة في الثالثة عشرة من عمرها ، وقد صرحت في إحدى الندوات الصحفية:" لقد عشقت الجولف منذ طفولتي ، فكنت أتطلع للمشاركة في المنافسات الدولية، وأنا صغيرة ، وكنت أؤمن بقيم هذه الرياضة وبمبادئها .. لاسيما أن والدي كان الحافز الأكبر الذي دفعني لممارستها ، فقد كان دائماً يقول لي إن هذه الرياضة فريدة من نوعها ، وهي رياضة الأثرياء والشخصيات الكبيرة.. ورغم أنني كنت أعشق كرة المضرب، إلا أنني فضلت الجولف ،لموهبتي واحترافي الكبيرين في لعبها ، لاسيما أنك عندما تدخل إلى تلك المساحة الخضراء ، تتفتح روحك وينعشك ذلك الاخضرار ، هذا كله كان سبباً قوياً لحب هذه الرياضة والتعلق بها".
وعند بلوغ باتريسيا سن الخامسة عشرة ، انضمت لأحد النوادي الفرنسية وهو نادي " جولف جاك" ، حيث تعلمت المبادئ العلمية لهذه الرياضة ،والخطوات الأولى للعبها ،ومن ثم انتقلت لنادي لافيت ديجون ، الذي مكثت فيه لمدة طويلة تقارب السبع سنوات ،فاستفادت منه الكثير ، لاسيما تقنيات وأبعاد لعبة الجولف الراقية ، وكيفية ضرب الكرة بالاعتماد على حسن التركيز والدقة.
وشاركت باتريسيا في أول بطولة لها، وكان ذلك في سنة 1992م، حيث حصلت على لقب بطولة فرنسا للمواهب النسوية ، وبعدها بقليل انضمت لنادي بورجون الفرنسي العريق ،ودخلت عندئذ عالم الاحتراف من أبوابه الواسعة وذلك منذ شهر ديسمبر من سنة 1993 فكثرت مشاركاتها بعد ذلك في عدة بطولات أوروبية ودولية، أهمها: بطولة انجلترا لسنة 1994 وإيرلندا سنة 1997 وبطولتا فرنسا وأستراليا في سنة 2000 وقد حصدت خلال الدورة والبطولة الأوروبية عدداً لا بأس به من الانتصارات ، قدر بخمسة انتصارات مما جعلها تحظى بنجاح كبير خلال تجاربها تلك.
وأخيراً وفي سنة 2001 قررت " باتريسيا مونيار لوبوك" الانضمام إلى اتحاد الجولف للمحترفات ( LPGA) وكانت عندئذ فرحة بهذا الانضمام ، ووجودها بين لاعبات محترفات كان حلماً كبيراً بالنسبة لها ، فلم تكن أبداً تتخيل أنها ستصبح في يوم ما لاعبة جولف مشهورة ،ومنذ ذلك الوقت وباتريسيا تشارك في دورات الجمعيات الأوروبية والبطولات الأمريكية ، ولم تبتعد عن ملاعب الجولف الخضراء للحظة ، وقد سطرت وحققت إنجازات رائعة على مستوى هذه الرياضة ، مما جعلها تتقاسم الشهرة لفترة طويلة مع بطلات ونجمات الجولف الشهيرات ، ومن بينهن ألمعهن السويدية "أنيكا سورنستام" رقم واحد عالمياً في هذه الرياضة.
وتعترف (باتريسيا) ذات الثلاثين عاماً : لقد وجدت خلال احترافي رياضة الجولف ، أنني أؤدي خدمة وطنية لبلدي فرنسا ،لاسيما من خلال اشتراكي في المنافسات العالمية بكل جدية وروح إحترافية هادفة إلى رفع علم فرنسا عالياً".
ويقول زوجها "أنطوان لوبوك" وهو أستاذ في رياضة الجولف :" إن زوجتي لاعبة محترفة ولديها ميزة مهمة وهي الدقة والتركيز على الهدف ، وأنا كمدرب لها ، وبالتغاضي عن كوني زوج لها ، أعترف بمهارتها وإمكاناتها وقدرتها على الفوز ، فلديها روح المنافسة والمضي قدماً نحو تحقيق الفوز ، وتطلعها للأمام يجعلها دائماً مفتوحة الشهية ومتعطشة لتحقيق أهدافها أنها كالطفلة الصغيرة ، حيث أنها تجد في ملعب الجولف حرية مدهشة لا مثيل لها ، فتراها تتحرك وتقفز من مكان إلى آخر".
أما " باتريسيا" فتعترف قائلة :" إن زوجي أنطوان أساتذي وأنا جد فخورة بكوني تلميذته النجيبة .. وقد ساعدني كثيراً للوصول إلى ما أنا عليه الآن من تقدم وشهرة".
وقد أصبحت " باتريسيا لوبوك" لاعبة الجولف الفرنسية الثانية بعد اللاعبة المشهورة" كاترين لاكوست" الفائزة بلقب البطولة في منافسة الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1967.
" باتريسيا مونيار لوبوك" تصنع الحدث بفوزها في أول جولة للموسم على نظيرتها السويدية النجمة " أنيكا سورنستام" بمجموع 281 نقطة لباتريسيا مقابل 282 لأنيكا ، أي بفارق نقطة واحدة فقط .. أمر لا يصدق ، إنه نقطة انطلاق ناجحة نحو عالم النجومية لدى باتريسيا ، لم تكن لتحلم بهذا قط ، غير أنها توصلت إلى لعب الجولة الأخيرة مع النحترفة " أنيكا" .. كان ذلك في بطولة ( رانشو ميراج ) بعد ثلاثة أيام متتالية ، وفي اليوم الأخير.. الجميع يحبس أنفاسه لاسيما زوج باتريسيا انطوان