اختها ياسمين لتلتفت بنظرها الى ما تراه "امها لعنة" وظهرت من بعيد عجوز ترتدي الابيض تسير نحوهم بخطى واثقة.
ظهر القلق والارتباك بعيون وردة وياسمين وعلى عكسهن ارتسمت ابتسامة على شفتي امهن "لعنة". اقتربت العجوز لتسرع اليها لعنة وتنحني وتقبل يدها وكذلك فعلت ياسمين ووردة .نظرت اليهن العجوز وقالت بحنان:
شو القصة يا بنات؟ ..شو اللي عم بصير ؟
اسرعت الام واجابت: شايفة يا خالتو ،شايفة البنات كيف تغيروا ؟..شايفة كيف متفقات عليّ؟! ...
ربتت العجوز على كتف لعنة...وقالت: معلش يا بنتي البنات لسه صغار وبكره بيكبروا
اطرقت ياسمين وكذلك وردة برأسيهما بالارض خجلا وطلبت العجوز البيضاء ان يجلسوا الى جانبها ويحدثوها عما يحصل...ووجهت كلامها لياسمين بالذات وقالت لها:"شو اللي عملتيه يا ياسمين ؟ ردت عليها ياسمين برهبة دون ان ترفع عينيها: انا ما عملت شيء يا خالتي انا طول ما انا بره حافظت على العهد وصنته ...بس يا خالتو غصبن عني ...حبيتو يا خالتي حبيتو.. واخذت ياسمين تبكي فربتت العجوز على رأسها وتنهدت وقالت: "يا بنات انا بحبكن وما بدي حد يأذيكن وما بدي يصير فيكن مثل ما صار لجورجيت" ..العهد اللي انتقل من ستك لأمك لاختك ما يمنعك انك تحبي بس ما يسمحلك تعملي اللي بدك اياه...
فقالت ياسمين: والحل يا خالتو شو اعمل ...؟!!!
ردت العجوز: شو يا ياسمين انت بدك تتركينا...؟
فقالت: لا يا خالتو انتو اهلي ومالي غيركم مش ممكن افكر هيك بس بكفي يا خالتو.
ردت العجوز:...احنا يا بنتي ما بنئذي حدا احنا بنذي اللي بئذينا بس.
"ستك جورجيت قبل (..1) سنة عاهدتنا وحافظت على العهد والعهد ما حولها للعنة عيلة الدهري هي اللي عملتها لعنة "والعهد" ساعدها وحماها ...ستك جورجيت كان مطلبها انو كل ذكر من نسل الدهري ودمه وين مكان وفي أي بلد كان ان كان صغير لما يكبر انه تعرفوه على قذارة اصله وتخلوه يشوف عتمة القبر ويعيشها علشأن ما حد يحمل اسم الدهري من جديد وما تتكرر مأساة جورجيت من جديد وهي انذرت انه ما بنت من بناتها تعيش بالنور ما دام على وجه الارض ذكر من نسل الدهري ما شاف عتمة القبور وتركنا لكن "العهد" علشان ينتقل لبناتكن وبنات بناتكن..و"تركت الطريق مفتوحة انو ييجي يوم يتجوزها واحد من "ولاد الدهري" يضحي علشأن بنت من بنات جورجيت يتجوزها ويسكن معها تحت القبور وما بشوف النور لحد ما تخلف بنت يسموها جورجيت ومع مولدها حيدخل النور لعتمة القبور وانت يا ياسمين ان كان فارس بحبك وانت بتحبيه خليه يسكن قبر لمدة سبعة ايام لوحدو لانو شاف وجهك وهذا عقابو وبعدها نزليه لهون وتجوزيه وخليه معك لحد ما تخلق بنت على وجهها تشوفو النور .
فقالت ياسمين: يا خالة فارس راح يتجنن قبل ما يخلصو السبعة ايام ولو قدر ان يصمد ونزل عندي وتجوزني ممكن نخلف اولادوما نخلف بنات وممكن هالشغلة توخذ سنين.
فقالت العجوز: شو يا ياسمين خايفة يهرب ويتركك مثل ما عمل ابوك مع امك اذا كان راح يعمل هيك اذن مش هو ابن الدهري اللي من خلالو حتشوفو النور.
فقالت ياسمين: "لا ياخاله... فارس بحبني ومستعد يضحي علشأني ،صدقيني يا خالة فارس مش مثلهم بس انا خايفة عليه وعارفه انه راح ينجن.
غضبت لعنة ام ياسمين من كلام ابنتها ووبختها ..فاطرقت ياسمين برأسها للارض واخذت تبكي واضافت تقول: لم اكن اتوقع ان انجب فتاة في يوم من الايام تكون بمثل هذا الضعف، يبدو ان ابنتي التي حملتها العهد لا تدرك ان حبيب قلبها فارس هذا ليس واحدا من افراد عائلة الدهري او من اقارب سالم الدهري وانما هو ابن ابن سالم الدهري والذي اطلق عليه اسم فارس هو جده سالم قبل ان تهرب به امه والدم الذي يجري في عروق فارس هو من دم سالم الدهري القذر ...ايتها الغبية الم تلاحظي الشبه الذي يحمله من جده سالم...هيا اذهبي وتزوجيه لعلك تنجبي منه ولدا ليسميه على اسم جده سالم الدهري احياء لذكراه الطيبة.
بكت ياسمين اكثر واحتضنتها العجوز ولامت "لعنة" على الطريقة التي تحدثت بها مع ياسمين وقالت العجوز لياسمين: ..امك تقصد تقلك انو فارس وضعه بختلف عن بقية ولاد الدهري ،فارس بحمل اسم عيلة الدهري وبحمل اسم جده سالم.
فقالت ياسمين: خلص يا خاله انا ما بدي اتجوزه وما بدي اشوفه...بس يا خالتو يا ريت نتركه بحالو. ضحكت العجوز وقالت:.. فارس شافك وشاف جمالك ولو تركتيه انت حيظل يدور عليك ولو بفتح كل قبور الدنيا وبعدك صغيرة وما بتعرفي اللي بشوفك شو بصير فيه...ضحكت وردة مما قالته العجوز واستفزت ياسمين من ضحكة اختها وردة ...ضحكت وردة لانها تذكرت تجاربها مع اولاد الدهري بالاشهر التي خرجت بها من القبور قبل اختها ياسمين وماذا حدث لهم ؟..ياسمين استفزت لانها تخيلت ما الذي قد يحدث لفارس وهي ايضا تعلم ماذا حصل للآخرين.
العجوز ربتت على كتف ياسمين وقالت لها: سأعطيك الحل لهذه المشكلة ولكن قبل ان افعل ذلك اسمعي ما ساقوله لك جيدا وافهميه ان عتمة القبور لهي ارحم من عتمة نفوس هؤلاء الذين يعيشون في النور.
قالت العجوز هذه الحكمة لياسمين واخذت تشرح لها عن الطريقة التي تستطيع بها ان تتزوج من فارس وان تسكن معه في أي مكان تريد بعيدا عن القبور لتنتهي اللعنة ...فرحت ياسمين كثيرا فقد وجدت ان الطريقة التي دلتها عليها العجوز سهلة جدا ولا توجد فيها تعقيدات كثيرة،المهم انها بعيدة عن السكن في القبور. وكانت ياسمين على ثقة من ان فارس سيوافق فورا على هذه الطريقة فهي في نظرها سهلة جدا ولكن العجوز طلبت من ياسمين ان تتمهل ولا تتسرع فربما نجد ان عتمة القبور والسكن بها لهي افضل من السكن بين الناس في النور ونصحتها ان تذهب الى فارس وتحكي له عن الطريقة وبعدها تعود وتتخذ قرارها الذي ستترتب عليه امور كثيرة ، اما "لعنة"ام ياسمين ووردة فلم تكونا راضيتين فهما لا تتصوران ان زوج ابنتها وشقيقتها سيكون ابن ابنه لسالم الدهري الذي هو السبب الرئيس لما حدث لجورجيت... وردة اخت ياسمين كانت خائفة قليلا من اندفاع اختها بحبها لفارس وما قد تعانيه لو ان فارس كان لا يحبها كما تتصور ياسمين ....
بدأ فارس رحلة البحث عن حل يخرجه من هذه الورطة التي علق بها دون أي ذنب
وهمه الاكبر ان يحتفظ بحبيبته "ام الجماجم"ياسمين مهما كلفه هذا من ثمن، ولكن من يستطيع ان يساعد فارس ؟...بحث فارس كثيرا وكان امله يخيب كلما اعتقد ان هناك من يفهم بشيء اسمه "اللعنة" وكان كالغريق الذي يتعلق بقشة ثم توجه ولكن بدون [b]قناعة منه باتجاه احد الفتاحين في مدينة جنين وهو على يقين من انه لن يساعده بشيء وهذا ما حدث فعلا فقد كان "الفتاح" المشعوذ اغبى من ان يفهم بهذه الامور المعقدة ...ولكن فارس كان على استعداد لان يجرب أي شخص بالرغم من قناعته بسخافة هذه الامور وتوجه الى احد "السمره" وهوكاهن سامري في مدينة نابلس واوقف السيارة بعيدا عن بيت السامري وسار على قدميه خشية ان يرى السيارة احد ممن يعرفه بالصدفة ...دخل فارس بيت الكاهن وانتظر في الردهة قليلا ومن ثم دخل الغرفة المخصصة لهذا "الكاهن المشعوذ" تفحصه الكاهن بعينيه وقال له ..:
"اهلا وسهلا بك يا بني" ورد عليه فارس : اهلا وسهلا فيك " وبدأ الكاهن بالقاء محاضرته التي يكررها عشرات المرات في اليوم لعله بهذه الطريقة يستطيع ان يحدد علة الزبون والسبب الذي جاء من اجله والمتضمنة عبارات "الشفاء من الله" "ولكل داء دواء" ..و"ولاد الحرام كلهم" ...و..و....الخ...
اما فارس فقد التزم الصمت وهو يعلم انه امام "دجال مشعوذ" ولكن لعل وعسى.
اكمل الكاهن محاضرته وهو يترقب رد فعل فارس على ما يقول وقال له: "خير يا ابني بعون الله بقدر اساعدك"
فقال له فارس : جئت اسألك عن "اللعنة!!" ...
فرد الكاهن: "لعنة الله على الشيطان!!! قلي شو اسمك واسم امك "...فاخبره فارس بالاسماء واخذ الكاهن يكتب ويحسب وينظر في كتاب امامه وسأل فارس: "شو بتشعر بالضبط؟؟"
فرد فارس :الموضوع ليس بما اشعر او بما لا اشعر، الموضوع اني جئت اسألك عن لعنة القبور وخاصة اني سمعت ان اليهود هم اكثر الناس خبرة بهذه الامور ...ارتبك الكاهن قليلا واحتار فهو لم يفهم ماذا يقصد فارس وماذا يريد ولم يكن الكاهن يريد ان يبدو كالجاهل فقال له ..."نعم نحن نعرف بكل شيء ...وبعونه راح تلاقي الحل عنا والان احكي لي بالتفصبل ما هي المشكلة ...شعر فارس بأن الكاهن يراوغه وانه لا يفهم شيئا ...فقال له فارس بحزم لقد جئت ولا اريد ان اضيع وقتك وانا على استعداد لان ادفع لك... كل ما اريده هو معلومات عن لعنة القبور ..ما هي وكيف يتم الخلاص منها؟...ويبدو ان كلمة "الدفع" قد شجعت الكاهن الذي لا يعرف عما يتحدث فارس على أن يبدأ بالبحث في الكتب القديمة التي ورثها عن اجداده لعله يجد ما يقدمه لفارس من معلومات ليحصل بدلا منها على بعض النقود ...
بدأ الكاهن بالبحث بين كتبه واستمر في البحث لاكثر من نصف ساعة حتى عاد الى فارس مبتسما وكأنه قد وجد ضالته في احد الكتب القديمة ...جلس وفتح الكتاب بعد ان نفض عنه طبقة من الغبار واخذ يقرأ ويترجم لفارس وقال : حسب ما ورد في كتبنا القديمة فان لعنة القبور يعود تاريخها الى الاف السنين وقد حدثت في المرة الاولى مع "بنات رفقة" حينما قرر الراب ان يدفنهن في بئر الزعق" في "اورشليم" وبعد عام تأكد ان الراب قد دفنهن ظلما ..وقد قام الراب بدفن نفسه حيا تكفيرا عن جرمه...ومنذ ذلك الوقت وفي كل عام يسمع الناس صراخا منبعثا من البئر بشكل مستمر ويعرف الناس ان بينهم ظالم ويقومون بتقديم القرابين بجانب البئر وانصاف المظلوم وابعاد الظالم حتى انه في ذلك الوقت لم يعد هناك احد يجرؤ على ظلم احد خوفا من "زعقات البئر" وقد سميت هذه اللعنة "بلعنة بنات رفقة"ولكن هذه اللعنة لا تصيب ارتسمت على شفتي فارس ابتسامة ساخرة فكل ما حكاه له هذا الكاهن السامري هي قصة من القصص القديمة المتعلقة بالتوراة والتي لا دخل لها بما يحدث مع فارس ...نظر الكاهن الى فارس وهو ينتظر منه ان يدفع له النقود مقابل قصته وفي هذه اللحظات ودون سابق انذار دخلت المقنعة السوداء "ام الجماجم" وجلست الى جانب فارس وتأبطت ذراعه ...فوجيء فارس برغم انه قد اعتاد على مفاجآت ياسمين الكثيرة...وتسمرت عينا الكاهن باتجاهها وهو لا يعرف ماذا يحدث وازداد ذهوله حينما لمح مفاجأة فارس من رؤية ياسمين التي تعشق ارباك من حولها بتصرفاتها ...
اخذت ياسمين تميل على فارس بغنج ودلال ..وفارس يبتسم فهو يدرك ما ترمي اليه من حركاتها هذه وحاول ان يخرج من جو الارتباك رغم ان ملامح وجه الكاهن وعينيه المتسمرتين تجاه ياسمين تثير الضحك ..ياسمين لم تكن لتكتفي بما احدثته من ارباك وهذه بالنسبة لها فرصة لتتسلى قليلا ..فقالت بغنج موجهة كلامها للكاهن السامري ... كيف حالك يا كبيرنا.؟؟
فرد الكاهن مرتبكا: اهلا.... اهلا يا بنتي...!!
فقالت: ان شاء الله حليت مشكلة فارس يا كبيرنا..؟
نظر الكاهن الى فارس والى ام الجماجم المقنعة وحاول ان يمحو مظاهر الارباك عن وجهه فابتسم وقال: "اهلا وسهلا معرفتناش بحالك؟" ...
قاطعته ياسمين قائلة : ولو يا كبيرنا ما انت بتعرف كل شيء واكيد انت عارف اني مرته وحبيبته بس هو ما بحب يدخلني معاه عندك علشان بستحي يحكي معك عن مشكلته وانا موجودة. ونظرت ياسمين الى فارس ومالت برأسها المقنع بالخمار على كتف فارس وقالت : يا الله احكيلو يا فارس لا تستحي هو بقدر يساعدك يالله حبيبي احكيلو".
ابتسم فارس فهو لا يدري ما الذي تسعى اليه ياسمين ...اما الكاهن فوضع يده على خده ووجد نفسه مثل الاطرش في الزفة.
اما ياسمين فقد زادت من حدة الدلع وقالت مصطنعة الحياء والخجل : "يالله يا حبيبي فارس احكيلو طيب انا بحيكلو عنك بس لا تطلع علّي علشان ما اخجل ..شوف يا كبيرنا المشكلة انت عارفها ولازم تكون فهمتها وانت يا كبيرنا ابو المفهومية ..هلأ شو بتقدر تعطيه ..دوا او أي شيء علشان يعني ما انت فاهم شو بقصد؟."
رد الكاهن مستفزا وقد شعر ان ياسمين تسخر منه خاصة وان فارس كان يخفي ضحكته من كلام ياسمين : "لأ انا مش فاهم .. يا بتحكو بوضوح يا اذا سمحتو انا معنديش وقت" ..حاول فارس ان يتدخل حتى يلطف الاجواء ولكن ياسمين كانت اسرع منه فقالت: "يا كبيرنا والله بستحي احكيلك ...بس احنا متجوزين من زمان وما عندنا اولاد."
احمر وجه فارس ..وابتسم الكاهن وقال: "يعني ما بتخلف يا فارس ؟"...ردت ياسمين بسرعة حتى لا تعطي فارس فرصة الرد وقالت:
"المشكلة مش بس هيك يا كبيرنا المشكلة اكبر من ما انت فاهم ، بقي هو من مرة من مرة من يوم متجوزنا ولا شيء، كيف بدي افهمك اكثر من هيك ما انت فاهم ؟...نظر الكاهن الى فارس واخذ يبتسم وقال له:" متحكي هيك من اول يا ابني فش فيها عيب انا من اول كنت عارف مشكلتك بس كنت مستنيك لتحكي لوحدك ..والك ساعة بتلف وبتدور ...لعنة وقبور وكلام فاضي، على العموم انا حجهزلك دوا وبتمر علّي بعد اسبوع بكون جاهز...بس انت بتعرف هيك"دوا" بكلف كثير.
فقالت ياسمين: يكلف شو ما يكلف يا كبيرنا المهم فارس يطيب ويرجع ...ما انت فاهم شو قصدي.
رد الكاهن:فاهم ..فاهم بس لازم تدفعولي هلأ"001 دينار" فلكزت ياسمين فارس بكتفه وقالت له :"يالله يا فارس ادفعله شو ميت دينار هذا والله لازم يطلب الف دينار مش مية" ...فاستغل الكاهن الفرصة وقال:"لأ .. هذا مبلغ تحت الحساب ولما بيجي يوخذ الدوا بنتفاهم واخذت ياسمين تحث فارس وتستعجله ليدفع للكاهن بسرعة ولم يكن امام فارس الا ان يدفع للكاهن ما يعادل المئة دينار وهو لا يدري لماذا يدفع ومن اجل ماذا ؟!
خرجت ياسمين وهي تتأبط ذراع فارس من بيت الكاهن وسارا بأتجاه السيارة وبرغم ان فارس كان غاضبا على خسارته للمئة دينار وللموقف المحرج الا ان سعادته برؤية ياسمين غلبت عليه ...وصلا الى السيارة وطلبت ياسمين بدلع ان تقودها الا ان فارس ضحك وقال: "هو انا مجنون بعدي ما نسيت شو عملتي فيّ لما سقتي السيارة المرة الفاتت.." ..اخذ فارس يقود السيارة وياسمين تجلس بجانبه وقال لها:شو يا ياسمين كيف عرفتي وين انا؟...فقالت ياسمين وهي تضحك: انا ياسمين بقدر اطولك وحتى لو انك في اخر سما."
فقال لها:"مبسوطة هلأ لما خسرتيني المئة دينار للأهبل هذا..؟"
فقالت: الأهبل اللي راح عنده ..وانت شو اللي خلاك تروح عند المجانين ..شو بتفكرهم بفهموا بشيء ولا بطلع بايديهم يساعدوك تهرب مني يا فارس؟.
نظر فارس الى عيني ياسمين وقال بحنان :انا اهرب منك يا ياسمين؟ ...انا بهرب من كل الدنيا وما بهرب منك.
فقالت:طيب ليش رحت عندهم ..شو عندك...
تعبان من شيء ..واخذت ياسمين تضحك وضحك معها فارس على ما المحت اليه.
وقالت ياسمين:هلأ مش مهم اذا كنت انت بتفكر انو هيك دجالين بيقدروا يساعدوك في حل مشكلتك فأنت غلطان ...
ويالله هلأ اعزمني على شي محل نوكل فيه علشان انا عندي الك خبر بسوى حياتك .فضحك فارس وقال: "على وين بدك نروح هو انا ظل معي فلوس ؟..البركة فيك ما انت خليتني ادفعهم لكبيرنا مثل ما بتحكي.
ابتسمت ياسمين وقالت: يا اهبل انت نسيت اني انا ياسمين ومعقول انا اخلي واحد اهبل مثله يضحك عليك؟ ..هاي الفلوس ..
وأخرجت من عباءتها النقود التي دفعها فارس للكاهن وفارس ينظر اليها مستغربا ..كيف حدث ذلك وهو لم يرها تقترب من الكاهن ولو للحظة ؟..فارس وفي اعماق نفسه اصبح على قناعة بأن ياسمين تملك قوة سحرية ما وبقناعته فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع ان يفسر بها تصرفات ياسمين وقدراتها الغريبة ...ولكن فارس يخجل من ان يفكر بما يدور في خلده بصوت مسموع ويفضل ان يتجاهل ما يحدث حتى لا يبدو سخيفا.
سار فارس للبحث عن مكان ليتناول الغداء فيه مع ياسمين "ام الجماجم" وكان يفضل ان لا يكون هذا المكان في الناصرة او أي منطقة اسرائيلية لعلمه بأن ما ترتديه ياسمين سيثير انتباه الموجودين ...ووقع اختيار فارس على احد المطاعم في مدينة جنين فهناك الناس معتادون على رؤية فتيات يرتدين الخمار والعباءة على طريقة ياسمين....
وقبل ان يوقف السيارة بمحاذاة مطعم .. حذر ياسمين من القيام بأية حركة وان تتوقف عن حركاتها ومزاجها الذي اعتاد عليه وقال لها:
"لو انت مش لابسه هالخمار امزحي كيف بدك، بس الناس هون لما يشوفكي لابسه هيك بفكروكي متدينة وراح يستغربو أي مزحة او حركة من حركاتك ..
ابتسمت ياسمين بخبث وقالت لفارس: "خلص انا بوعدك اني احاول ما احرجك"
ترجل فارس وياسمين من السيارة وسارا بإتجاه المطعم ، إلا ان ياسمين امسكت بذراع فارس ..
توقف فارس و"تنحنح" طالباً منها ان تترك يده وتسير بشكل طبيعي .
فقالت ياسمين: "اسمع لا تعقدني يا بمسك ايدك وبندخل مع بعض يا بدخل قبلك وانت بتدخل وراي يا بظل واقفة محلي ..اختار شو بدك"؟
فوافق فارس على ان تسير امامه ..دخلت ياسمين المطعم وجلست على احدى الموائد وتبعها فارس وجلس الى جانبها وهمس مذكراً اياها بالوعد ان لا تحرجه..
ابتسمت ياسمين وقالت : "انا وعدتك اني احاول علشأن هيك اتركني اتصرف على راحتي.
فقال فارس:الله يستر وهلأ احكيلي عن الخبر السعيد..
فقالت:لا يا حبيبي اول شيء بتطلب اكل وبنوكل وبعدين بتطلبلي ارجيلة وبعدها بحكيلك..
ضحك فارس وقال:ارجيلة مرة وحدة ؟هذا اللي ناقص بس كيف بدك تدخنيها وانت لابسه هالخمار ما بتخافي حد يشوف وجهك ؟
فقالت:هاي مشكلتي انا مثل ما راح اعرف أوكل بدون ما يشوفو وجهي راح اعرف ادخن.
طلب فارس الطعام وبعد ان انتهيا من تناوله رجاها فارس ان تنسى امر الاركيلة ..الا ان ياسمين اصرت على ذلك وكان لها ما ارادت ..احضر فارس الاركيلة ووضعها امامه..فتناولتها ياسمين من امامه ووضعتها امامها هي ورفعت ساق على ساق وامسكت بالارجيلة بطريقة ملفتة للانتباه وقالت له: هيك انا مزاجي رايق وبقدر احكي ..
فقال لها: تفضلي احكي خلصيني..
فقالت: خلص يا فارس رايحين نتجوز ونعيش بره مثل كل الناس ..حنشوف الشمس وحنشوف النور ونبدأ نعيش بين الناس..
استغرب فارس ولم يصدق ما تقوله ياسمين فهل من المعقول ان ينتهي كل شيء بهذه السهولة وقال لها: ياسمين لا تمزحي معي...
فقالت: ما عم بمزح بحكي جد وفي هالموضوع هادا مش ممكن امزح.
فقال فارس بعد ان امسك يد ياسمين بحركة لا شعورية: احلفي انك ما بتمزحي زي عوايدك ...
فقالت: "وحياة ستي جورجيت اني بحكي جد"..فقال فارس..:انا مش مصدق..
فقالت ياسمين محتدة:حلفتلك بستي جورجيت اني بحكي جد واحنا بنحلف بكل الدنيا كذب الا بجورجيت.
فقال فارس: ما هاذا اللي مجنني ...معقول اللعنة تنتهي بالبساطة هاي؟ ..فقالت ياسمين:على مهلك يا حبيبي انا ما حكيت انو اللعنة انتهت ولسه المشوار باولو...وان كنت بتحبني صحيح راح تنتهي.
فقال:انا بحبك بس مش فاهم ..فقالت ياسمين:خالتو العجوز وافقت يا فارس انو نتجوز بدون ما نسكن القبور...بس بشروط.فقال: فارس مين هاي العجوز يا ياسمين انا اول مره بسمعك بتحكي عنها ...
فقالت:هاي امنا كلنا أم المظاليم وما بنعمل اشي الا بموافقتها.
فقال فارس: يعني هي انسانة مثلك ومثل اختك وامك.
فقالت: تكون شو ما تكون هذا مش شغلك ومش موضوعنا علشان نحكي فيه المهم انك توافق على شروطها.
فقال فارس: انا موافق على كل شروطها..
فقالت ياسمين: مش لما اول تعرف شو الشروط..
فقال:انا موافق يا روحي على أي شرط بالدنيا ممكن يخليكي جنبي.
صمتت ياسمين ، فأستهتار فارس بالأمور اقلقها ..وحاول فارس ان يخرجها من صمتها ولكنه لم ينجح حتى استغرب سبب هذا الصمت المفاجيء واخذ يبحث اين أخطأ هو؟..
خرجت ياسمين من صمتها وقالت بلهجة حزينة: فارس كلامك بخوفني انت ماخذ كل الامور ببساطة. فارس انا علشانك زعلت امي مني انا بحبك وما بدي يصير فيك اشيء هاي مش لعبة يا فارس.. لا تستهر بالموضوع .شروط العجوز مش بسيطة يا فارس صحيح هي اسهل من السكن بالقبور بس كمان مش بسيطة وان شروط العجوز ما تنفذت ضاعت الفرصة الوحيدة علي وعليك...فقال فارس:انا ما كان قصدي استهتر انا قصدت اقلك انو علشانك ممكن اعمل أي شيء ..فقالت :انا بعرف يا فارس بس كمان بعرف الإشي اللي بتقدر عليه واللي ما بتقدر عليه..للعجوز ثلاثة شروط ححكيلك عليها..الاول: العرس حيكون بالليل وبمقبرة ومن طرفي حتحضر امي واختي والعجوز ومن طرفك لازم يحضر 9 اشخاص لا اقل ولا اكثر وانا حفضل لابسه الخمار ومش حيشوف وجهي حدا...
والشرط الثاني: مش رايحين نتجوز على طريقة دينك ولا ديني ..العجوز حتعلن زواجنا والحضور كلهم الشهود..
والشرط الثالث: حنعيش مع بعض زوج وزوجة ومش حتدخل عليّ ولا حتشوف وجهي لمدة 90 يوم وبعد ما يمرو بتقدر تكتب كتابك عليّ مثل كل الناس..بس ممنوع حدا يشوف وجهي غيرك لحد ما احمل منك واخلف بنت انسميها جورجيت ..واخذها معي على الشام نزور قبر ستنا جورجيت وهيك بتنتهي اللعنة وبتطلع .....
امي واختي وبعيشوا مثل كل الناس..
ذهل فارس مما قالته ياسمين وكاد ان يصرخ لولا انه تنبه الى انه في مكان عام والكثييير
ينظر اليه ..صك على اسنانه وابتسم ابتسامة صفراء وقال بهدوء كتم به غضبه: "ياسمين انت بتمزحي اكيد..
اكيد بتمزحي ..انت فاهمة شو عم بتحكي ...هذا كلام بدخل برأس واحد عاقل ..هذا اللي انا بقدر عليه..في بني ادم بقدر على هيك اشي وهذا الأشي اللي اسهل من السكن بالقبور ..
لا يا حبيبتي يكثر خير خالتك العجوز على هيك تسهيلات ..انا مش عارف كيف اشكرها اللي ما طلبت اني اجيب فرقة موسيقية على المقبرة ولا انها ما طلبت احطونا بتابوت ويرقصوا فينا ..من شان الله يا ياسمين هذا كلام بدخل العقل؟ انت خايفة عليّ انجن بس يا حبيبتي بها الطريقة مش انا بس راح انجن ..كل العيلة معي راح ينجنو .
.يسعد لي العجوز تاعتك وافكارها ..ما بدها اكتب على كرت العرس تفضلوا لحضور حفل الزفاف في المقبرة الفلانية وابدا الف اوزع الكروت على الناس علشان اجيبلها معازيم بس انا لازم اكتب على الكرت :
"الرجاء عدم اصطحاب من هم دون سن السادسة عشرة ونحن غير مسؤولين عن "عقول" الحضور" ..
يا ياسمين خافي الله والله لحكي هالحكي لمجانين لصاروا يضحكوا عليّ..
"حبيبتي انا موافق اني اسكن القبر وموافق اعيش معاك تحت القبور ارحم من شروط العجوز...
قرصت ياسمين فارس بيده وقالت له: اطلع حواليك وبلفتة عين ادرك فارس بأن حركاته لفتت انظار الجميع اليه بطريقة غريبة واعتدل في جلسته على الكرسي وحاول ان يبتسم ..وقالت ياسمين:
"اول اشيء اذا مرة ثانية بتحكي معي بهالطريقة بحمل حالي وبمشي ومش حخليك تشوف وجهي من مرة ..شو انت انجنيت ..اسمع انا عارفه اني لازم اتعامل معاك مثل الولاد الصغار وعلى فكرة انا فاهمه شو بحكي مليح وكل اللي حكيته انت ولا شيء مقابل انك تنام ليلة وحدة داخل قبر علشان هيك لا تحكم على الامور بسرعة وهاي الفرصة الوحيدة اللي عندنا واذا انا مش راح اهتم فيها علشانك انت فأنا عندي اسباب ثانية اللي هي امي واختي اللي ما بدي يظلوا طول
عمرهم تحت القبور وبدي يطلعو يعيشو مثل الناس...
فقال فارس :"طيب يا ياسمين مش انت حكيتي انو انا ممكن اتجوزك واعيش معك تحت القبور لحد ما تخلفي بنت وبعدين هيك بتخلص اللعنة ويطلعو للنور؟ ..انا موافق هاي طريقة اسهل من شروط العجوز"...
ابتسمت ياسمين وقالت: يا فارس افهمني بهالطريقة مافي امل انت مش عارف شو بتحكي ..وانا بحبك وما بدي تنجن يا فارس اللي عايش بالنور ما بقدر يعيش بالعتمة...صدقني يا فارس يوم واحد ما بتقدر ..
انا بعرف اكثر منك لا تدفعني اشرحلك اكثر من هيك واحسن الك ما تعرف ..صدقني ، شروط العجوز اسهل بكثير والأشي الصعب ممكن اساعدك انا على انو يصير سهل...
فقال فارس: "طيب يا ياسمين تعالي نحكي بالعقل 09 يوم ما اشوف وجهك وانت عايشه معاي سهله وفش مشكلة كمان ما يشوف وجهك اي انسان لحد ما تخلفي بنت ..كمان سهلة وفش مشكلة اني اتجوزك على طريقة العجوز كمان هاي ممكن تصير ..نعمل عرس وما حدا يشوف وجهك كمان هاي ما بتدخل العقل بس كمان ممكن تصير.
يكون العرس في المقبرة وبالليل كمان هاي لألي انا لوحدي فش مشكلة ..بس كل قوة الدنيا ممكن تخليني اقدر اقنع واحد بحضر معي على مقبرة بالليل وكمان علشان شو ؟ علشان عرسي.. انا أي فهميني كيف ممكن؟ ..
ضحكت ياسمين وقالت: شايف كل المشاكل انحلت وما ظل قدامك الا مشكلة وحده كيف بدك تعزم الناس علشان يحضرو عرسك؟
فقال فارس مغتاظا: "اتفضلي انت واعزميهم اشوف شطارتك"
فقالت: انا بالنسبة الي هاي مسألة بسيطة كثير"..وبحركة سريعة اشارت بيدها للجرسون في المطعم وعندما حضر ابتسمت وقالت له: " ممكن اطلب منك خدمة صغيرة؟..شوف.. عرس فارس الأسبوع الجاي يا ريت تعزم كل القاعدين في المطعم وتقلهم يتفضلو عنا وطبعا بس قلهم انو العرس حيكون في مقبرة؟
فرد الجرسون محاولا ان يستوضح ..فقد ظن انه سمع الكلمة الاخيرة خطأ..
- عفوا مش فاهم وين العرس؟
فقالت ياسمين: في المقبرة ..المقبرة اللي بدفنو فيها الناس والتفتت الى فارس وقالت: اي مقبرة يا فارس حيكون العرس؟
ابتسم الجرسون واصطنع فارس الابتسامة وقال:
- هاي بتحكي عن قاعة افراح زي الزفت بتصلح تكون مقبرة مش قاعة افراح.
ذهب الجرسون وقالت ياسمين: هيك شاطر وبتعرف تغير الموضوع من جد لمزح...فقال:"اتعلمت منك!!"
فقالت: طيب خلينا نشوف شطارتك وكيف بدك تعزم الناس على عرسك؟
فقال فارس: انت مقتنعة اني ممكن انضرب بعقلي وافكر مجرد التفكير في هالموضوع.
فقالت:آه مقتنعة؟؟
فقال:اذن انت غلطانه..
فقالت:اذن انت ما بتحبني..
فقال : لأ بحبك بس لو اعمل هيك بكون مجنون والمجانين ما بتعرف تحب...
فقالت: "مش صحيح فش احلى من حب المجانين..ضحك فارس وقال: "ياسمين انت متخايله الموقف ..
ممكن احكي مع حد بهالموضوع وما يفكرني مجنون ؟
طيب مش مهم خليهم يحكوا عني اني مجنون ممكن يمشو ورا مجنون؟
فقالت: "جرب وبعدين بتحكم على الامور...صدقني يا فارس انها سهلة كثير وان صممت راح تقدر تقنعهم" ..ضحك فارس وقال: "طيب اذا هاي سهلة ممكن تحكيلي شو الصعبة..؟
"
هزت ياسمين رأسها وقالت : "الصعبة يا فارس انهم يقتنعوا بعدها ما يشوفو وجهي وما يحاولو يعرفوا مين أنا ، وما تطلع انت هلا وراك ..
لم تكمل ياسمين الجملة حتى التفت فارس ليرى ما يوجد خلفه..!تلفت فارس ليرى ما يوجد خلفه متناسيا طلب ياسمين منه ان لا ينظر الى الخلف ..
.ولكنه لم ير خلفه أي شيء..
فقال لياسمين:
ما في اشي وراي ليش قلتي لي ما اطلع وراي، شو كان في!!؟
فقالت ياسمين:لا شيء لم يكن هناك شيء في المرة القادمة حينما اطلب منك ان لا تنظر الى الخلف فأرجوك ان لا تنظر،
لقد قلت لك ان من اصعب الأمور ان تقنعهم ان لا يروا وجهي وان لا تنظر انت الى الخلف ،ولكن في اقل من ثانية نظرت خلفك فكيف يمكن ان تقنع عائلتك واقاربك ان لا يروا وجه زوجة ابنهم..؟!!
فقال فارس: هذه ليست مشكلتنا ان اقتنعوا فليكن وان لم يقتنعوا فهي مشكلتهم هم.
فقالت ياسمين:ولكن انت مشكلتي فان طلبت منك ان لا تنظر خلفك فهل ستقبل؟!
فقال فارس: نعم اعدك بأن لا انظر خلفي ابدا حينما تطلبي مني ذلك...ولكن ما دخل ذلك بما نحن فيه الان ؟!
فقالت: ستعرف قريبا والآن هيا تحرك وابدأ بأقناع تسعة اشخاص ليحضروا حفل زفافنا..
فقال فارس: ولكنك قلت لي انك ستساعديني بأقناعهم ..
فقالت :سافعل ذلك يا فارس ولم انس وارجو منك ان لا تنسى وعدك لي بأن لا تنظر خلفك ان طلبت منك ذلك..
خرج فارس وياسمين من المطعم واستقلا السيارة وسارا بأتجاه الناصرة ودار بينهما حوار طويل حول الزفاف وشروطه...وسأل فارس ياسمين الى اين تريد ان يوصلها..فطلبت منه ان ينزلها في أقرب مكان من جبل الطور ...غير فارس اتجاهه حتى وصل بالقرب من جبل الطور..وهناك طلبت منه ياسمين ان ينزلها ويكمل طريقه الى البيت فسألها فارس:الى اين ستذهبين يا ياسمين..؟فقالت له: لا تسأل ،وارجوك ان تسير الى الامام وان لا تنظر خلفك حتى ولو بمرآة السيارة...
سار فارس وتركها بجانب الطريق وتجنب النظر الى الخلف حتى ابتعد عنها...واخذ يفكر طوال الطريق كيف يستطيع ان يقنع عائلته بحضور زفافه داخل مقبرة وماذا سيقول لهم ؟.
وصل فارس الى البيت وجلس يفكر قليلا وقرر ان يحدث امه بهذا الموضوع خاصة وان امه هي الوحيدة التي تعرف ب "لعنة جورجيت"احتار فارس كيف يبدأ معها الحديث ولم ينس بعد ما حدث لها حينما تحدث معها بهذا الموضوع وانه وعدها بأن لا يتحدث بشأنه امامها.. قرر فارس انه لا بد من ذلك وتوجه الى حيث تقعد امه وقال لها...
:"يا امي بدي احكي معك بموضوع انا وعدتك وبعرف انك ما بتحبي تسمعيه ..!!!"
احتدت ام فارس وقالت له:"بدك تحكي بموضوع
"جورجيت" انا ما عندي اشي احكيلك اياه انا حكيتلك كل اللي بعرفو وانت عمرك ما تراح تصدق ..انت راسك ناشف وحترجع تقل لي هاي قصص عواجيز ما بتخوف...انتو يا اولاد المدارس ما بتصدقوا انو في اشياء كثيرة ممكن تصير وبتفكروا حالكم انتم بس اللي بتفهموا .."
ربت فارس على كتف امه وقال لها:يا امي انا مصدق كل اشي عن قصة جورجيت ..وانت ما كذبت علّي وكل كلامك مزبوط..
نظرت اليه وقالت: "طيب يا امي ما دمت مصدق اعمل زي ما قلتلك وسافر لبعيد ولا تخلي جورجيت تعرف محلك بلك الله نجاك منها" ..امسك فارس بيد امه وقال :"لا تخافي يا امي ، جورجيت ماتت واللعنة حتخلص قريب كثير".
قاطعته امه قائلة :"ارجعت تحكي لي جورجيت ماتت والبنت الحلوة اللي حكيت لي انها اعطتك صورة ابوك وجدك ما هاي هي جورجيت ،ليش ما بتصدق ؟ قلتلك جورجيت ما بتموت...!
فقال فارس: لا يا امي فش حدا ما بموت، وكمان مش معقول بعد مية سنة جورجيت تكون لسه عايشة ،والبنت الحلوة اللي حكيتلك عنها هاي مش جورجيت هاي اسمها ياسمين ..وجورجيت بتكون ستها..
[/color]فقاطعته امه وقالت:لا يمه لا تصدق هاي جورجيت ..
فرد فارس:يا امي انا صرت بعرف بالقصة اكثر منك هاي بنت بنتها وانا بحبها وراح اتجوزها.
فقالت الام وهي تبكي:بدك تتجوزها يمه ..هاي جاي تنتقم منك لانك من ولاد الدهري لا تصدقها يمه ..!!
فقال فارس:صدقيني يمه لو بدها تعمل فّي اشي كان عملت زمان وما في حد منعها ..افهميني الله يخليكي يا امي بعد ما اتجوز ياسمين راح تنتهي اللعنة كلها ..وفي اشياء كثيرة ما بتعرفيها انت بس انت اطمئني ولا تخافي.
صمتت ام فارس وهي لا تدري ماذا تقول او تفعل وايمانها كبير بأن ما سيرسمه القدر لا يمكن ان تغيره..وشرد فارس بخياله هو ايضا فهو لا يدري كيف سيشرح لامه بأن زواجه من ياسمين لا يتم الا بشروط واحداها ان الزواج سيكون في احد المقابر وفي ساعات الليل.
وتجرأ فارس وبدأ يشرح لامه محاولا اقناعها بطريقة الزواج الغريبة ولكنه فوجيء بأن امه اخذت تصرخ وكاد ان يغمي عليها فور سماعها لما قاله وعبثا حاول فارس ان يهدئها ..وبالرغم انه قال لها انه بيمزح لا اكثر ولا اقل ولكن امه ظلت تصرخ وتبكي بصوت عال واستسلم فارس وتركها لتهدأ لوحدها ،وفي هذه الاجواء المشحونة بالبكاء والصراخ دخل علاء الاخ الاصغر لفارس الغرفة ليستوضح سبب بكاء امه وصراخها...!!
وقبل ان يسأل قالت امه :شايف يا علاء اخوك فارس انجن وبدو يجننا معاه ...
بدو يتجوز في المقابر ..اخوك هذا بدو مستشفى مجانين.. "جورجيت" طيرت مخو من راسه..
اخذ علاء يهدىء من روع امه وهو يزم على شفتيه محاولا حبس ضحكته مما سمعه منها ...هدأت امه واصطحبها الى شرفة المنزل لتستنشق قليلا من الهواء وعاد الى فارس ليسأله عما يحدث....فأجابه فارس:لا شيء يا علاء لا شيء ..فأصر علاء ان يعرف القصة والسبب الذي دفع امه لتصاب بهذه الهستيريا..فقال له فارس بانه لا توجد اية قصة وان كل ما فّي الموضوع انه يحب فتاة ويريد ان يتزوجها واشترطت هذه الفتاة ان يتم الزفاف في احدى المقابر..
حاول علاء ان لا يضحك ولكنه لم يستطع واستفز فارس من ضحك علاء وهم بمغادرة البيت الا ان علاء امسك بيده وقال له: "لا تزعل يا فارس ولا تلومني مهو يا بضحك يا بصير اصرخ وألطم على وجهي زي امك"..الطريقة التي تحدث بها علاء جعلت فارس يضحك هو ايضا وجلس وقال لعلاء:معك حق تضحك بس افرض اني انا بمشكلة كبيرة وهالمشكلة هاي ما بحلها الا اني اتجوز في المقبرة ...انت بتساعدني وبتيجي معي ولا لأ..؟!!
صمت علاء قليلا وبداخله اعتقد ان اخاه فارس يمزح لا اكثر ولا اقل وفكر انه لم يكن فارس يمزح بل هو فعلاقد جن وقال لفارس:
"طبعا انا معك وانا جاهز اروح معك وين ما بدك".
لم يخف على فارس ما فكر به علاء وابتسم وقال له:"انا بمزح يا علاء بمزح" وخرج فارس وركب سيارته واخذ يتجول من شارع الى اخر وهو يفكر ماذا يستطيع ان يفعل وقد اغلقت امامه كل الابواب فهو لم يستطع ان يقنع امه واخاه وهما اقرب الناس ...
وتذكر فارس غضب امه وعاد الى البيت مسرعا خشية ان تحكي امه قصة جورجيت لعلاء ، خاصة ان علاء لا يعرف عن هذا الموضوع شيئا. توجه فارس لامه فوجدها لا تزال تبكي وهي تجلس مع علاء ..فاقترب فارس منهما وهو يدعو الله ان لا تكون امه قد قالت
شيئآً لاخيه .
.فجلس معهم واكتشف ان امه لم تحك لعلاء سوى ان فارس "بحب بنت غريبة وراح تجننه" ..
.وشاركهما فارس الحديث واطمئن حينما شعر بأن امه حريصه اكثر منه ان لا يعرف علاء ان فارس من عائلة اخرى غير عائلته..
.خرج فارس مره اخرى وسار بالسيارة لساعات وبعد ذلك اوقف السيارة واخذ يسير على قدميه حتى ساعات متأخرة من الليل وهو شارد الذهن يسير الى حيث تأخذه قدماه ..ولم يقطع شروده وسرحانه الا صوت مفاجيء جاءه من الخلف :"فارس لا تطلع وراك
" ،وفور سماع صوت ياسمين الذي ميزه فارس بسرعة تلفت خلفه ليراها تسير بعيدة عنه عدة اقدام...اقتربت ياسمين من فارس وسارت بجانبه وطلبت منه ان يستمر في سيره ..وقالت له غاضبة: انت وعدتني لما اطلب منك ما تطلع وراك مش راح تطلع ليش اطلعت وراك ليش ما حافظت على وعدك انا كيف بدي اثق فيك واركن عليك ولسه ما مر يوم على وعدك وانسيتو...
قاطعها فارس وقال لها: "ما صار شيء يستحق كل هالزعل انسيت وطلعت شو صار.. طارت الدنيا".
فقالت ياسمين:"يا فارس لا تستهتر بالامور انا طلبت منك اشي .. سويه وبس..."
فقال فارس محاولا ان يحسم الموضوع: "حاضر والله العظيم ما راح اتطلع وراي واعتبريها اخر مرة .."!
فقالت ياسمين: طيب يا فارس بس بحب احكيلك اني انا ما بعرف شو حيصير في وحده من المرات اللي بطلب منك فيها ما تّطلع وراك وتنسى انت وتطلع لا تستغرب ان قلتلك انو ممكن يصير اشي كثير مش مليح علشأنك وعلشاني..
فقال فارس: حاضر حاضر مش راح انسى.
فقالت ياسمين وهي تضحك: "المهم حكيت مع حماتي على العرس؟...اكيد انبسطت كثير."
فقال فارس :انبسطت كثير كثير ومن الفرحة كان راح يغمى عليها.
فقالت ياسمين: بعرف قديش فرحت هي وكمان اخوك علاء ما في داعي تحكيلي المهم انت بعد فشلك الكبير مع امك واخوك شو راح تسوي ...؟
فقال فارس مستغربا: اول شيء انا بدي اعرف هلأ كيف انت بتعرفي شو صار بيني وبين امي واخوي وانا تاركك جنب جبل الطور؟
فهزت ياسمين رأسها وقالت ..انا ما بعرف اعتبرني خمنت مش اكثر ، المهم شو راح تسوي ..
فقال: فش امل مستحيل ، هاي فكرة مجنونة ولازم اول ينجنو علشان يوافقو... !
ضحكت ياسمين وقالت: طيب بسيطه خليهم ينجنو وهيك انحلت المشكلة واذا بدك بساعدك.."!
فقال فارس: انك تجننيهم ما عنديش شك انه بطلع بايدك وزيادة يا ياسمين ..لازم انسى هالموضوع ، ما بدي يصير بأمي اشي بسببي .."... ......
فقالت ياسمين: سلامتها حماتي وانا كمان ما بدي يصير فيها اشي واكثر من هيك انا
كمان حساعدك وحخليلك امك تنسى كل اشي بتعرفو عن هالموضوع من اولو لاخره ومن اول يوم عرفت فيه ابن الدهري لليوم ..هذا واكثر من هيك.. كمان ما في داعي انها تيجي وتحضر عرسك بالمقبرة ..شرط العجوز انو يحضروا تسع انفار من طرفك ..ومش ضروري امك تكون بينهم...فكر فارس قليلا وقال: "ولا اخوي علاء .."
فقالت ياسمين :وكمان علاء ما في داعي ييجي...
فقال فارس: طيب ما بنفع اكون انا لوحدي وتخلص هالمشكلة"!؟
فقالت ياسمين: لو هالموضوع بأيدي بينفع بس الشرط شرط تسع انفار من طرفك لازم يحضرو مش مهم شو يكونو ..اقاربك او معارفك او اصحابك .. انت حر اختار اللي يناسبك.
لمعت برأس فارس فكرة ان يقوم بأستئجار تسعة اشخاص ما دام لا يهم من يكونوا بالنسبة له مقابل النقود وليس من المستحيل ان يقنع تسعة اشخاص او عشرة ولكن فرحته تلاشت حينما فكر بانه يحتاج الى مبلغ كبير ليستطيع اغراء الاشخاص بحضور حفل زفافه داخل المقبرة خاصة وان ظروفه المالية في الآونة الاخيرة سيئة جدا.
فشرح لياسمين فكرته وقال لها انه سيضطر لبيع سيارته ليوفر مبلغا قد يكون كافيا ..
فقالت ياسمين: اذا المشكلة مشكلة فلوس انا بقدر اساعدك واكملت مازحة : انا كنت اوفر المصروف اللي بوخذو من امي لهيك يوم..
فضحك فارس وقال: على هيك انت موفرة مبلغ كبير ...يعني ممكن الاقي معك مية دولار..
فاخذت ياسمين تحسس على اصابعها وهي تضحك ممكن اكثر شوي...!
فقال فارس: اكثر بقديش يعني؟...ممكن يكفو لعشا في مطعم على مستوى..؟
فقالت ياسمين: اه بيكفو نتعشى في مطعم واذا بدك كمان بتقدر غير ثمن العشاء ..تشتري كل مدينة الناصرة وحيفا كمان...
فضحك فارس لكلام ياسمين وقد ظن انها تمزح...فقالت له بجدية: "على فكرة انا ما بمزح "..اذا كان الموضوع موضوع فلوس انا واختي عندنا ذهب بشتري الناصرة وحيفا واكثر من هيك وعمرو ما كان له قيمة ..وعمرنا ما فكرنا انو بسوى يوم واحد نعيشو بالنور مثل الناس..لا تبيع السيارة ولما تروح على البيت حتلقى المشكلة محلولة ...بس لا تنسى انو الاشخاص اللي بدك تستأجرهم علشان يحضرو عرسك لازم يعرفو بالاول انهم جايين على عرس فيه عريس وفيه عروس ومش على مزحه ولا على لعبه ولو انسحب واحد منهم بارادتو حيفشل كل اشي يا فارس"
...استمر فارس وياسمين بالسير وتوقفت ياسمين فجأة وسار فارس عدة خطوات واراد ان يتلفت الى الخلف ليرى لماذا توقفت ولكنها قالت له قبل ان يتلفت ...فارس لا تتطلع وراك..!
شد الفضول فارس لينظر الى الخلف ولكنه تذكر تحذيرها له واستمر بالسير وهي تسير خلفه دون ان يراها وتحدثه ويتحدث معها..حتى توقف الحديث فجأة ووقف فارس دون ان يتلفت الى الخلف لعدة دقائق وهو يقول :ياسمين.. ان كنتي لساتك وراي احكي
"..فلم يتلق فارس أي جواب واستمر بالسير الى الامام دون ان يلتفت الى الخلف وسار بشكل دائري حتى وصل الى سيارته وركبها وعاد الى البيت ووجد ان امه واخاه نائمان.... فدخل لينام ففوجيء بانه رأى على سريره مجموعة من القطع الذهبية القديمة.. وللحظة لم يعلم كيف وصلت الى غرفته وهم بأن يذهب ويسأل امه واخاه ولكنه تذكر ان ياسمين "ام الجماجم" قالت له انه حينما يصل الى البيت سيجد ان مشكلة الفلوس قد حلت .لم يستغرب فارس قيام ياسمين بإحضار قطع الذهب ولكن ما اثار دهشته هي كيف استطاعت ادخالها الى غرفته وهو قد تركها خلفه؟ ..تحسس فارس القطع الذهبية بأصابعه...وفكر كثيرا وقال لنفسه:
لو ان ياسمين "ام الجماجم" صادقة في ما قالته فسيصبح اغنى رجل في البلاد...في صباح اليوم التالي توجه فارس الى احد محلات المجوهرات في مدينة االناصرة واطلع صاحبها على احدى القطع وبعد ان تفحصها صاحب المحل قال لفارس انه يعتقد انها تساوي الكثير وعرض على فارس مبلغا من المال مقابلها الا ان فارس وجد المبلغ تافها وتوجه الى آخر فدفع له مبلغا اكبر فباعه جميع القطع التي معه بمبلغ يزيد عن العشرة الاف دولار ..سار فارس وقرر ان يتوجه الى احد اصدقائه السابقين ليساعده في جلب التسعة اشخاص لحضور زفافه في المقبرة مقابل المال حيث التقى صديقه ذا العلاقات الاجتماعية العديدة وطلب منه المساعدة ..
صديق فارس استعد لأن يقوم بمساعدته شريطة ان يقنعه فارس اولا بالسبب الحقيقي ..حاول فارس ان يقنع صديقه بأن الموضوع هو زفاف فقط اشترط ان يتم في مقبرة ويجب ان يكون هناك من طرفه تسعة اشخاص.. ولكن صديق فارس لم يقتنع ولم يضحك فقد ظن ان الامر اكبر من هذا بكثير وبعد جدل طويل بين فارس وصديقه اتفق الاثنان على ان يتم الامر وان يقوم صديق فارس بالبحث عن الاشخاص الملائمين لهذه المهمة واعطاه فارس الف دولار تحت الحساب...وتركه على ان يعود اليه في الغد.
وفي اليوم التالي حضر صديق فارس الى بيته واخبر فارس وهو يضحك بانه استحال عليه اقناع أي شخص بهذه الفكرة وقال لفارس : ولكن الطريقة الوحيدة التي استطيع بها اقناع هؤلاء هو ان تحضر "كاميرا فيديو" لتقول لهم بأننا سنصور مقطعا من فيلم
او ما شابه ...اقتنع فارس بالفكرة وقال لصديقه: ليكن ذلك ثم غادر صديق فارس ليكمل المهمة..وجلس فارس في حديقة المنزل ينتظر امه لتحضر له فنجان القهوة وفي الشارع المحاذي للحديقة توقفت سيارة تكسي وترجلت منها ياسمين ذات الخمار وتوجهت الى حيث يجلس فارس في الحديقة التي لا تبعد عن الشارع سوى عدة اقدام.. رآها فارس واخذ يتلفت حوله خشية ان تكون امه قد رأتها..
اقتربت ياسمين من فارس وقالت له: شو قصتك ليش بتتلفت حواليك ؟
فوقف فارس وقال لها: هيا لندخل الى غرفتي بسرعة قبل ان تراك امي..لم تأبه ياسمين بطلب فارس وجلست في الحديقة وقالت له: انت بتعرف مليح انو شكلي حلو وما بخوف ولا بعيب كمان علشان تخبيني عن اهلك وجيرانك يا فارس..
فرد فارس :"انت عارفه اني ما بقصد هيك..وانت فاهمة انا شو بقصد.. امي بتعرف انت مين وما بدي اياها تخاف ..
فقالت ياسمين: انا ما بخوف يا فارس
فقال فارس: طيب على راحتك اقعدي وين ما بدك وانا داخل اجيبلك القهوةفقالت :لا تغلب حالك خليك قاعد ..امك هلأ بتطلع وبتجيبها الا اذا كان قصدك تدخل علشان امك ما تطلع بره.
حك فارس رأسه بيده ففعلا هذا ما قصده وعاد وجلس بجوار ياسمين وهو يفكر ماذا سيحدث الان حينما تخرج امه وترى ياسمين ذات الخمار ...قالت له ياسمين:
لا تفكر كثير يا فارس بس بعتقد انو بكفي ولازم تواجه الامور شوي ..
فقال فارس :هاي امي يا ياسمين وما بدي...
فقاطعته ياسمين : ما بدك شو يا فارس ؟..ما بدك تشوفني بس اول على اخر راح تشوفني ولا بدك تظل مخبيني طول عمرك..؟
فقال فارس:لو ما بتعرف في القصة مش مشكلة ..صحيح يا ياسمين انت وعدتيني انك حتنسي امي كل قصة الدهري وجورجيت وحتنسي كل شيء ..
فقالت ياسمين:انا ما وعدتك يا فارس انا قلتلك حساعدك اني اخلي امك تنسى قصة الدهري من اولها لاخرها ..بس اسم جورجيت احنا بنذكر الناس فيه مش بنسيهم اياه ...انا حساعدك بس مش مستعدة اشعر انو امك احسن من امي واول اشي لازم تتعرف عليّ على حقيقتي ..ياسمين بنت لعنة بنت جورجيت وانو هاي اللي راح يتجوزها ابنها فارس علشان يا فارس انا فخورة بأهلي وما بدي اشعر في المستقبل وبعد سنين انو اقرب الناس لألك ما كان يعرف مين انا ..انا موافقة اني اتجوزك بدون ما حد يحضر من اهلك بس لازم حد من اهلك يتعرف على اللي حتصير زوجة ابنهم بعد هيك انا حساعدك انها تنسى كل اشي ولما نخلف بنتنا الامورة ونسميها "جورجيت".. امك حتكون ستها وان كانت ناسية حتذكر اول ما تشوف بنتنا الصغيرة الامورة جورجيت.
صمت فارس قليلا ثم وقف وقال لياسمين:
"معك حق يا ياسمين انا لازم اواجه الموقف ولازم اعرف امي عليكي..دخل فارس الى البيت ووجد امه قد وضعت فنجان القهوة على الطاولة وجلست تضع يدها على خدها كئيبة حزينة ..
اقترب منها فارس وقال لها :مالك "يما" ليش هيك قاعدة حزينة انا عندي برة ضيوف وبدي اعرفك عليهم..
هزت ام فارس رأسها :"شفتها يمه ..شفتها من الشباك لما اجيت بدي اطلعلك القهوة الله يستر من اللي حيصير.
فقال فارس:لا يما لا تخافي ولازم اعرفك عليها هاي ياسمين وراح اتجوزها الاسبوع هادا ودار حوار بين فارس وامه التي يتملكها شعور بأن ابنها ذاهب الى الهلاك ..امسك فارس بيد امه وخرج معها الى الحديقة حيث تجلس ياسمين اقترب منها وقال: "هاي امي يا ياسمين وهاي ياسمين يمه..."
ابتسمت ام فارس وهزت برأسها وقالت اهلا وسهلا وابتسمت ياسمين وهزت برأسها هي الاخرى مقلده ام فارس وقالت اهلا فيكي ..واخذ فارس يعرف الواحدة على الاخرى ويمهد الاجواء لتتحدث الواحدة مع الاخرى..
وقالت ام فارس ببساطة ومن منطلق خوفها على فارس والله فارس بحبك كثير وفارس كان صغير وما لو دخل في اللي عملوا سيدو سالم معك..
قاطع فارس امه بسرعة وقال :"يمه انا قلتلك هاي ياسمين بنت بنت جورجيت ومش جورجيت "...فقالت ياسمين موجهة كلامها لام فارس :
"انا بعرف انو فارس بحبني وكمان انا بحبو علشان هيك بدنا نتجوز ...
فقالت ام فارس :والله هالصوت اسمعتو قبل هالمرة والله هالصوت اجاني وانا نايمة وانا صاحية ومش ممكن انساه هادا صوت جورجيت..
اراد فارس ان يتكلم ولكن ياسمين سبقته وقالت انا الي الفخر انو صوتي يشبه صوت ستي جورجيت وحكون سعيدة اكثر اذا كان صوت بنتنا انا وفارس بطلع مثل صوت ستي جورجيت..!
فقالت ام فارس :حرام فارس ما الو ذنب في اللي صار..
ردت ياسمين ثانية:وشو شايفيتني بدي اوكلو.
تدخل فارس بسرعة حتى لا يحتد النقاش اكثر بين امه التي لا تريد ان تقتنع بأن التي تراها هي حفيدة جورجيت وليست جورجيت ..وبين ياسمين ..وانتهى النقاش في اجواء متوترة..ودخلت ام فارس الى البيت تاركة خلفها ياسمين وفارس في جو مضطرب.
فقال فارس محاولا تهدئة ياسمين:انت مش لازم تزعلي من امي.. القصة كلها مخربطة حياتها وبله
ظهر القلق والارتباك بعيون وردة وياسمين وعلى عكسهن ارتسمت ابتسامة على شفتي امهن "لعنة". اقتربت العجوز لتسرع اليها لعنة وتنحني وتقبل يدها وكذلك فعلت ياسمين ووردة .نظرت اليهن العجوز وقالت بحنان:
شو القصة يا بنات؟ ..شو اللي عم بصير ؟
اسرعت الام واجابت: شايفة يا خالتو ،شايفة البنات كيف تغيروا ؟..شايفة كيف متفقات عليّ؟! ...
ربتت العجوز على كتف لعنة...وقالت: معلش يا بنتي البنات لسه صغار وبكره بيكبروا
اطرقت ياسمين وكذلك وردة برأسيهما بالارض خجلا وطلبت العجوز البيضاء ان يجلسوا الى جانبها ويحدثوها عما يحصل...ووجهت كلامها لياسمين بالذات وقالت لها:"شو اللي عملتيه يا ياسمين ؟ ردت عليها ياسمين برهبة دون ان ترفع عينيها: انا ما عملت شيء يا خالتي انا طول ما انا بره حافظت على العهد وصنته ...بس يا خالتو غصبن عني ...حبيتو يا خالتي حبيتو.. واخذت ياسمين تبكي فربتت العجوز على رأسها وتنهدت وقالت: "يا بنات انا بحبكن وما بدي حد يأذيكن وما بدي يصير فيكن مثل ما صار لجورجيت" ..العهد اللي انتقل من ستك لأمك لاختك ما يمنعك انك تحبي بس ما يسمحلك تعملي اللي بدك اياه...
فقالت ياسمين: والحل يا خالتو شو اعمل ...؟!!!
ردت العجوز: شو يا ياسمين انت بدك تتركينا...؟
فقالت: لا يا خالتو انتو اهلي ومالي غيركم مش ممكن افكر هيك بس بكفي يا خالتو.
ردت العجوز:...احنا يا بنتي ما بنئذي حدا احنا بنذي اللي بئذينا بس.
"ستك جورجيت قبل (..1) سنة عاهدتنا وحافظت على العهد والعهد ما حولها للعنة عيلة الدهري هي اللي عملتها لعنة "والعهد" ساعدها وحماها ...ستك جورجيت كان مطلبها انو كل ذكر من نسل الدهري ودمه وين مكان وفي أي بلد كان ان كان صغير لما يكبر انه تعرفوه على قذارة اصله وتخلوه يشوف عتمة القبر ويعيشها علشأن ما حد يحمل اسم الدهري من جديد وما تتكرر مأساة جورجيت من جديد وهي انذرت انه ما بنت من بناتها تعيش بالنور ما دام على وجه الارض ذكر من نسل الدهري ما شاف عتمة القبور وتركنا لكن "العهد" علشان ينتقل لبناتكن وبنات بناتكن..و"تركت الطريق مفتوحة انو ييجي يوم يتجوزها واحد من "ولاد الدهري" يضحي علشأن بنت من بنات جورجيت يتجوزها ويسكن معها تحت القبور وما بشوف النور لحد ما تخلف بنت يسموها جورجيت ومع مولدها حيدخل النور لعتمة القبور وانت يا ياسمين ان كان فارس بحبك وانت بتحبيه خليه يسكن قبر لمدة سبعة ايام لوحدو لانو شاف وجهك وهذا عقابو وبعدها نزليه لهون وتجوزيه وخليه معك لحد ما تخلق بنت على وجهها تشوفو النور .
فقالت ياسمين: يا خالة فارس راح يتجنن قبل ما يخلصو السبعة ايام ولو قدر ان يصمد ونزل عندي وتجوزني ممكن نخلف اولادوما نخلف بنات وممكن هالشغلة توخذ سنين.
فقالت العجوز: شو يا ياسمين خايفة يهرب ويتركك مثل ما عمل ابوك مع امك اذا كان راح يعمل هيك اذن مش هو ابن الدهري اللي من خلالو حتشوفو النور.
فقالت ياسمين: "لا ياخاله... فارس بحبني ومستعد يضحي علشأني ،صدقيني يا خالة فارس مش مثلهم بس انا خايفة عليه وعارفه انه راح ينجن.
غضبت لعنة ام ياسمين من كلام ابنتها ووبختها ..فاطرقت ياسمين برأسها للارض واخذت تبكي واضافت تقول: لم اكن اتوقع ان انجب فتاة في يوم من الايام تكون بمثل هذا الضعف، يبدو ان ابنتي التي حملتها العهد لا تدرك ان حبيب قلبها فارس هذا ليس واحدا من افراد عائلة الدهري او من اقارب سالم الدهري وانما هو ابن ابن سالم الدهري والذي اطلق عليه اسم فارس هو جده سالم قبل ان تهرب به امه والدم الذي يجري في عروق فارس هو من دم سالم الدهري القذر ...ايتها الغبية الم تلاحظي الشبه الذي يحمله من جده سالم...هيا اذهبي وتزوجيه لعلك تنجبي منه ولدا ليسميه على اسم جده سالم الدهري احياء لذكراه الطيبة.
بكت ياسمين اكثر واحتضنتها العجوز ولامت "لعنة" على الطريقة التي تحدثت بها مع ياسمين وقالت العجوز لياسمين: ..امك تقصد تقلك انو فارس وضعه بختلف عن بقية ولاد الدهري ،فارس بحمل اسم عيلة الدهري وبحمل اسم جده سالم.
فقالت ياسمين: خلص يا خاله انا ما بدي اتجوزه وما بدي اشوفه...بس يا خالتو يا ريت نتركه بحالو. ضحكت العجوز وقالت:.. فارس شافك وشاف جمالك ولو تركتيه انت حيظل يدور عليك ولو بفتح كل قبور الدنيا وبعدك صغيرة وما بتعرفي اللي بشوفك شو بصير فيه...ضحكت وردة مما قالته العجوز واستفزت ياسمين من ضحكة اختها وردة ...ضحكت وردة لانها تذكرت تجاربها مع اولاد الدهري بالاشهر التي خرجت بها من القبور قبل اختها ياسمين وماذا حدث لهم ؟..ياسمين استفزت لانها تخيلت ما الذي قد يحدث لفارس وهي ايضا تعلم ماذا حصل للآخرين.
العجوز ربتت على كتف ياسمين وقالت لها: سأعطيك الحل لهذه المشكلة ولكن قبل ان افعل ذلك اسمعي ما ساقوله لك جيدا وافهميه ان عتمة القبور لهي ارحم من عتمة نفوس هؤلاء الذين يعيشون في النور.
قالت العجوز هذه الحكمة لياسمين واخذت تشرح لها عن الطريقة التي تستطيع بها ان تتزوج من فارس وان تسكن معه في أي مكان تريد بعيدا عن القبور لتنتهي اللعنة ...فرحت ياسمين كثيرا فقد وجدت ان الطريقة التي دلتها عليها العجوز سهلة جدا ولا توجد فيها تعقيدات كثيرة،المهم انها بعيدة عن السكن في القبور. وكانت ياسمين على ثقة من ان فارس سيوافق فورا على هذه الطريقة فهي في نظرها سهلة جدا ولكن العجوز طلبت من ياسمين ان تتمهل ولا تتسرع فربما نجد ان عتمة القبور والسكن بها لهي افضل من السكن بين الناس في النور ونصحتها ان تذهب الى فارس وتحكي له عن الطريقة وبعدها تعود وتتخذ قرارها الذي ستترتب عليه امور كثيرة ، اما "لعنة"ام ياسمين ووردة فلم تكونا راضيتين فهما لا تتصوران ان زوج ابنتها وشقيقتها سيكون ابن ابنه لسالم الدهري الذي هو السبب الرئيس لما حدث لجورجيت... وردة اخت ياسمين كانت خائفة قليلا من اندفاع اختها بحبها لفارس وما قد تعانيه لو ان فارس كان لا يحبها كما تتصور ياسمين ....
بدأ فارس رحلة البحث عن حل يخرجه من هذه الورطة التي علق بها دون أي ذنب
وهمه الاكبر ان يحتفظ بحبيبته "ام الجماجم"ياسمين مهما كلفه هذا من ثمن، ولكن من يستطيع ان يساعد فارس ؟...بحث فارس كثيرا وكان امله يخيب كلما اعتقد ان هناك من يفهم بشيء اسمه "اللعنة" وكان كالغريق الذي يتعلق بقشة ثم توجه ولكن بدون [b]قناعة منه باتجاه احد الفتاحين في مدينة جنين وهو على يقين من انه لن يساعده بشيء وهذا ما حدث فعلا فقد كان "الفتاح" المشعوذ اغبى من ان يفهم بهذه الامور المعقدة ...ولكن فارس كان على استعداد لان يجرب أي شخص بالرغم من قناعته بسخافة هذه الامور وتوجه الى احد "السمره" وهوكاهن سامري في مدينة نابلس واوقف السيارة بعيدا عن بيت السامري وسار على قدميه خشية ان يرى السيارة احد ممن يعرفه بالصدفة ...دخل فارس بيت الكاهن وانتظر في الردهة قليلا ومن ثم دخل الغرفة المخصصة لهذا "الكاهن المشعوذ" تفحصه الكاهن بعينيه وقال له ..:
"اهلا وسهلا بك يا بني" ورد عليه فارس : اهلا وسهلا فيك " وبدأ الكاهن بالقاء محاضرته التي يكررها عشرات المرات في اليوم لعله بهذه الطريقة يستطيع ان يحدد علة الزبون والسبب الذي جاء من اجله والمتضمنة عبارات "الشفاء من الله" "ولكل داء دواء" ..و"ولاد الحرام كلهم" ...و..و....الخ...
اما فارس فقد التزم الصمت وهو يعلم انه امام "دجال مشعوذ" ولكن لعل وعسى.
اكمل الكاهن محاضرته وهو يترقب رد فعل فارس على ما يقول وقال له: "خير يا ابني بعون الله بقدر اساعدك"
فقال له فارس : جئت اسألك عن "اللعنة!!" ...
فرد الكاهن: "لعنة الله على الشيطان!!! قلي شو اسمك واسم امك "...فاخبره فارس بالاسماء واخذ الكاهن يكتب ويحسب وينظر في كتاب امامه وسأل فارس: "شو بتشعر بالضبط؟؟"
فرد فارس :الموضوع ليس بما اشعر او بما لا اشعر، الموضوع اني جئت اسألك عن لعنة القبور وخاصة اني سمعت ان اليهود هم اكثر الناس خبرة بهذه الامور ...ارتبك الكاهن قليلا واحتار فهو لم يفهم ماذا يقصد فارس وماذا يريد ولم يكن الكاهن يريد ان يبدو كالجاهل فقال له ..."نعم نحن نعرف بكل شيء ...وبعونه راح تلاقي الحل عنا والان احكي لي بالتفصبل ما هي المشكلة ...شعر فارس بأن الكاهن يراوغه وانه لا يفهم شيئا ...فقال له فارس بحزم لقد جئت ولا اريد ان اضيع وقتك وانا على استعداد لان ادفع لك... كل ما اريده هو معلومات عن لعنة القبور ..ما هي وكيف يتم الخلاص منها؟...ويبدو ان كلمة "الدفع" قد شجعت الكاهن الذي لا يعرف عما يتحدث فارس على أن يبدأ بالبحث في الكتب القديمة التي ورثها عن اجداده لعله يجد ما يقدمه لفارس من معلومات ليحصل بدلا منها على بعض النقود ...
بدأ الكاهن بالبحث بين كتبه واستمر في البحث لاكثر من نصف ساعة حتى عاد الى فارس مبتسما وكأنه قد وجد ضالته في احد الكتب القديمة ...جلس وفتح الكتاب بعد ان نفض عنه طبقة من الغبار واخذ يقرأ ويترجم لفارس وقال : حسب ما ورد في كتبنا القديمة فان لعنة القبور يعود تاريخها الى الاف السنين وقد حدثت في المرة الاولى مع "بنات رفقة" حينما قرر الراب ان يدفنهن في بئر الزعق" في "اورشليم" وبعد عام تأكد ان الراب قد دفنهن ظلما ..وقد قام الراب بدفن نفسه حيا تكفيرا عن جرمه...ومنذ ذلك الوقت وفي كل عام يسمع الناس صراخا منبعثا من البئر بشكل مستمر ويعرف الناس ان بينهم ظالم ويقومون بتقديم القرابين بجانب البئر وانصاف المظلوم وابعاد الظالم حتى انه في ذلك الوقت لم يعد هناك احد يجرؤ على ظلم احد خوفا من "زعقات البئر" وقد سميت هذه اللعنة "بلعنة بنات رفقة"ولكن هذه اللعنة لا تصيب ارتسمت على شفتي فارس ابتسامة ساخرة فكل ما حكاه له هذا الكاهن السامري هي قصة من القصص القديمة المتعلقة بالتوراة والتي لا دخل لها بما يحدث مع فارس ...نظر الكاهن الى فارس وهو ينتظر منه ان يدفع له النقود مقابل قصته وفي هذه اللحظات ودون سابق انذار دخلت المقنعة السوداء "ام الجماجم" وجلست الى جانب فارس وتأبطت ذراعه ...فوجيء فارس برغم انه قد اعتاد على مفاجآت ياسمين الكثيرة...وتسمرت عينا الكاهن باتجاهها وهو لا يعرف ماذا يحدث وازداد ذهوله حينما لمح مفاجأة فارس من رؤية ياسمين التي تعشق ارباك من حولها بتصرفاتها ...
اخذت ياسمين تميل على فارس بغنج ودلال ..وفارس يبتسم فهو يدرك ما ترمي اليه من حركاتها هذه وحاول ان يخرج من جو الارتباك رغم ان ملامح وجه الكاهن وعينيه المتسمرتين تجاه ياسمين تثير الضحك ..ياسمين لم تكن لتكتفي بما احدثته من ارباك وهذه بالنسبة لها فرصة لتتسلى قليلا ..فقالت بغنج موجهة كلامها للكاهن السامري ... كيف حالك يا كبيرنا.؟؟
فرد الكاهن مرتبكا: اهلا.... اهلا يا بنتي...!!
فقالت: ان شاء الله حليت مشكلة فارس يا كبيرنا..؟
نظر الكاهن الى فارس والى ام الجماجم المقنعة وحاول ان يمحو مظاهر الارباك عن وجهه فابتسم وقال: "اهلا وسهلا معرفتناش بحالك؟" ...
قاطعته ياسمين قائلة : ولو يا كبيرنا ما انت بتعرف كل شيء واكيد انت عارف اني مرته وحبيبته بس هو ما بحب يدخلني معاه عندك علشان بستحي يحكي معك عن مشكلته وانا موجودة. ونظرت ياسمين الى فارس ومالت برأسها المقنع بالخمار على كتف فارس وقالت : يا الله احكيلو يا فارس لا تستحي هو بقدر يساعدك يالله حبيبي احكيلو".
ابتسم فارس فهو لا يدري ما الذي تسعى اليه ياسمين ...اما الكاهن فوضع يده على خده ووجد نفسه مثل الاطرش في الزفة.
اما ياسمين فقد زادت من حدة الدلع وقالت مصطنعة الحياء والخجل : "يالله يا حبيبي فارس احكيلو طيب انا بحيكلو عنك بس لا تطلع علّي علشان ما اخجل ..شوف يا كبيرنا المشكلة انت عارفها ولازم تكون فهمتها وانت يا كبيرنا ابو المفهومية ..هلأ شو بتقدر تعطيه ..دوا او أي شيء علشان يعني ما انت فاهم شو بقصد؟."
رد الكاهن مستفزا وقد شعر ان ياسمين تسخر منه خاصة وان فارس كان يخفي ضحكته من كلام ياسمين : "لأ انا مش فاهم .. يا بتحكو بوضوح يا اذا سمحتو انا معنديش وقت" ..حاول فارس ان يتدخل حتى يلطف الاجواء ولكن ياسمين كانت اسرع منه فقالت: "يا كبيرنا والله بستحي احكيلك ...بس احنا متجوزين من زمان وما عندنا اولاد."
احمر وجه فارس ..وابتسم الكاهن وقال: "يعني ما بتخلف يا فارس ؟"...ردت ياسمين بسرعة حتى لا تعطي فارس فرصة الرد وقالت:
"المشكلة مش بس هيك يا كبيرنا المشكلة اكبر من ما انت فاهم ، بقي هو من مرة من مرة من يوم متجوزنا ولا شيء، كيف بدي افهمك اكثر من هيك ما انت فاهم ؟...نظر الكاهن الى فارس واخذ يبتسم وقال له:" متحكي هيك من اول يا ابني فش فيها عيب انا من اول كنت عارف مشكلتك بس كنت مستنيك لتحكي لوحدك ..والك ساعة بتلف وبتدور ...لعنة وقبور وكلام فاضي، على العموم انا حجهزلك دوا وبتمر علّي بعد اسبوع بكون جاهز...بس انت بتعرف هيك"دوا" بكلف كثير.
فقالت ياسمين: يكلف شو ما يكلف يا كبيرنا المهم فارس يطيب ويرجع ...ما انت فاهم شو قصدي.
رد الكاهن:فاهم ..فاهم بس لازم تدفعولي هلأ"001 دينار" فلكزت ياسمين فارس بكتفه وقالت له :"يالله يا فارس ادفعله شو ميت دينار هذا والله لازم يطلب الف دينار مش مية" ...فاستغل الكاهن الفرصة وقال:"لأ .. هذا مبلغ تحت الحساب ولما بيجي يوخذ الدوا بنتفاهم واخذت ياسمين تحث فارس وتستعجله ليدفع للكاهن بسرعة ولم يكن امام فارس الا ان يدفع للكاهن ما يعادل المئة دينار وهو لا يدري لماذا يدفع ومن اجل ماذا ؟!
خرجت ياسمين وهي تتأبط ذراع فارس من بيت الكاهن وسارا بأتجاه السيارة وبرغم ان فارس كان غاضبا على خسارته للمئة دينار وللموقف المحرج الا ان سعادته برؤية ياسمين غلبت عليه ...وصلا الى السيارة وطلبت ياسمين بدلع ان تقودها الا ان فارس ضحك وقال: "هو انا مجنون بعدي ما نسيت شو عملتي فيّ لما سقتي السيارة المرة الفاتت.." ..اخذ فارس يقود السيارة وياسمين تجلس بجانبه وقال لها:شو يا ياسمين كيف عرفتي وين انا؟...فقالت ياسمين وهي تضحك: انا ياسمين بقدر اطولك وحتى لو انك في اخر سما."
فقال لها:"مبسوطة هلأ لما خسرتيني المئة دينار للأهبل هذا..؟"
فقالت: الأهبل اللي راح عنده ..وانت شو اللي خلاك تروح عند المجانين ..شو بتفكرهم بفهموا بشيء ولا بطلع بايديهم يساعدوك تهرب مني يا فارس؟.
نظر فارس الى عيني ياسمين وقال بحنان :انا اهرب منك يا ياسمين؟ ...انا بهرب من كل الدنيا وما بهرب منك.
فقالت:طيب ليش رحت عندهم ..شو عندك...
تعبان من شيء ..واخذت ياسمين تضحك وضحك معها فارس على ما المحت اليه.
وقالت ياسمين:هلأ مش مهم اذا كنت انت بتفكر انو هيك دجالين بيقدروا يساعدوك في حل مشكلتك فأنت غلطان ...
ويالله هلأ اعزمني على شي محل نوكل فيه علشان انا عندي الك خبر بسوى حياتك .فضحك فارس وقال: "على وين بدك نروح هو انا ظل معي فلوس ؟..البركة فيك ما انت خليتني ادفعهم لكبيرنا مثل ما بتحكي.
ابتسمت ياسمين وقالت: يا اهبل انت نسيت اني انا ياسمين ومعقول انا اخلي واحد اهبل مثله يضحك عليك؟ ..هاي الفلوس ..
وأخرجت من عباءتها النقود التي دفعها فارس للكاهن وفارس ينظر اليها مستغربا ..كيف حدث ذلك وهو لم يرها تقترب من الكاهن ولو للحظة ؟..فارس وفي اعماق نفسه اصبح على قناعة بأن ياسمين تملك قوة سحرية ما وبقناعته فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع ان يفسر بها تصرفات ياسمين وقدراتها الغريبة ...ولكن فارس يخجل من ان يفكر بما يدور في خلده بصوت مسموع ويفضل ان يتجاهل ما يحدث حتى لا يبدو سخيفا.
سار فارس للبحث عن مكان ليتناول الغداء فيه مع ياسمين "ام الجماجم" وكان يفضل ان لا يكون هذا المكان في الناصرة او أي منطقة اسرائيلية لعلمه بأن ما ترتديه ياسمين سيثير انتباه الموجودين ...ووقع اختيار فارس على احد المطاعم في مدينة جنين فهناك الناس معتادون على رؤية فتيات يرتدين الخمار والعباءة على طريقة ياسمين....
وقبل ان يوقف السيارة بمحاذاة مطعم .. حذر ياسمين من القيام بأية حركة وان تتوقف عن حركاتها ومزاجها الذي اعتاد عليه وقال لها:
"لو انت مش لابسه هالخمار امزحي كيف بدك، بس الناس هون لما يشوفكي لابسه هيك بفكروكي متدينة وراح يستغربو أي مزحة او حركة من حركاتك ..
ابتسمت ياسمين بخبث وقالت لفارس: "خلص انا بوعدك اني احاول ما احرجك"
ترجل فارس وياسمين من السيارة وسارا بإتجاه المطعم ، إلا ان ياسمين امسكت بذراع فارس ..
توقف فارس و"تنحنح" طالباً منها ان تترك يده وتسير بشكل طبيعي .
فقالت ياسمين: "اسمع لا تعقدني يا بمسك ايدك وبندخل مع بعض يا بدخل قبلك وانت بتدخل وراي يا بظل واقفة محلي ..اختار شو بدك"؟
فوافق فارس على ان تسير امامه ..دخلت ياسمين المطعم وجلست على احدى الموائد وتبعها فارس وجلس الى جانبها وهمس مذكراً اياها بالوعد ان لا تحرجه..
ابتسمت ياسمين وقالت : "انا وعدتك اني احاول علشأن هيك اتركني اتصرف على راحتي.
فقال فارس:الله يستر وهلأ احكيلي عن الخبر السعيد..
فقالت:لا يا حبيبي اول شيء بتطلب اكل وبنوكل وبعدين بتطلبلي ارجيلة وبعدها بحكيلك..
ضحك فارس وقال:ارجيلة مرة وحدة ؟هذا اللي ناقص بس كيف بدك تدخنيها وانت لابسه هالخمار ما بتخافي حد يشوف وجهك ؟
فقالت:هاي مشكلتي انا مثل ما راح اعرف أوكل بدون ما يشوفو وجهي راح اعرف ادخن.
طلب فارس الطعام وبعد ان انتهيا من تناوله رجاها فارس ان تنسى امر الاركيلة ..الا ان ياسمين اصرت على ذلك وكان لها ما ارادت ..احضر فارس الاركيلة ووضعها امامه..فتناولتها ياسمين من امامه ووضعتها امامها هي ورفعت ساق على ساق وامسكت بالارجيلة بطريقة ملفتة للانتباه وقالت له: هيك انا مزاجي رايق وبقدر احكي ..
فقال لها: تفضلي احكي خلصيني..
فقالت: خلص يا فارس رايحين نتجوز ونعيش بره مثل كل الناس ..حنشوف الشمس وحنشوف النور ونبدأ نعيش بين الناس..
استغرب فارس ولم يصدق ما تقوله ياسمين فهل من المعقول ان ينتهي كل شيء بهذه السهولة وقال لها: ياسمين لا تمزحي معي...
فقالت: ما عم بمزح بحكي جد وفي هالموضوع هادا مش ممكن امزح.
فقال فارس بعد ان امسك يد ياسمين بحركة لا شعورية: احلفي انك ما بتمزحي زي عوايدك ...
فقالت: "وحياة ستي جورجيت اني بحكي جد"..فقال فارس..:انا مش مصدق..
فقالت ياسمين محتدة:حلفتلك بستي جورجيت اني بحكي جد واحنا بنحلف بكل الدنيا كذب الا بجورجيت.
فقال فارس: ما هاذا اللي مجنني ...معقول اللعنة تنتهي بالبساطة هاي؟ ..فقالت ياسمين:على مهلك يا حبيبي انا ما حكيت انو اللعنة انتهت ولسه المشوار باولو...وان كنت بتحبني صحيح راح تنتهي.
فقال:انا بحبك بس مش فاهم ..فقالت ياسمين:خالتو العجوز وافقت يا فارس انو نتجوز بدون ما نسكن القبور...بس بشروط.فقال: فارس مين هاي العجوز يا ياسمين انا اول مره بسمعك بتحكي عنها ...
فقالت:هاي امنا كلنا أم المظاليم وما بنعمل اشي الا بموافقتها.
فقال فارس: يعني هي انسانة مثلك ومثل اختك وامك.
فقالت: تكون شو ما تكون هذا مش شغلك ومش موضوعنا علشان نحكي فيه المهم انك توافق على شروطها.
فقال فارس: انا موافق على كل شروطها..
فقالت ياسمين: مش لما اول تعرف شو الشروط..
فقال:انا موافق يا روحي على أي شرط بالدنيا ممكن يخليكي جنبي.
صمتت ياسمين ، فأستهتار فارس بالأمور اقلقها ..وحاول فارس ان يخرجها من صمتها ولكنه لم ينجح حتى استغرب سبب هذا الصمت المفاجيء واخذ يبحث اين أخطأ هو؟..
خرجت ياسمين من صمتها وقالت بلهجة حزينة: فارس كلامك بخوفني انت ماخذ كل الامور ببساطة. فارس انا علشانك زعلت امي مني انا بحبك وما بدي يصير فيك اشيء هاي مش لعبة يا فارس.. لا تستهر بالموضوع .شروط العجوز مش بسيطة يا فارس صحيح هي اسهل من السكن بالقبور بس كمان مش بسيطة وان شروط العجوز ما تنفذت ضاعت الفرصة الوحيدة علي وعليك...فقال فارس:انا ما كان قصدي استهتر انا قصدت اقلك انو علشانك ممكن اعمل أي شيء ..فقالت :انا بعرف يا فارس بس كمان بعرف الإشي اللي بتقدر عليه واللي ما بتقدر عليه..للعجوز ثلاثة شروط ححكيلك عليها..الاول: العرس حيكون بالليل وبمقبرة ومن طرفي حتحضر امي واختي والعجوز ومن طرفك لازم يحضر 9 اشخاص لا اقل ولا اكثر وانا حفضل لابسه الخمار ومش حيشوف وجهي حدا...
والشرط الثاني: مش رايحين نتجوز على طريقة دينك ولا ديني ..العجوز حتعلن زواجنا والحضور كلهم الشهود..
والشرط الثالث: حنعيش مع بعض زوج وزوجة ومش حتدخل عليّ ولا حتشوف وجهي لمدة 90 يوم وبعد ما يمرو بتقدر تكتب كتابك عليّ مثل كل الناس..بس ممنوع حدا يشوف وجهي غيرك لحد ما احمل منك واخلف بنت انسميها جورجيت ..واخذها معي على الشام نزور قبر ستنا جورجيت وهيك بتنتهي اللعنة وبتطلع .....
امي واختي وبعيشوا مثل كل الناس..
ذهل فارس مما قالته ياسمين وكاد ان يصرخ لولا انه تنبه الى انه في مكان عام والكثييير
ينظر اليه ..صك على اسنانه وابتسم ابتسامة صفراء وقال بهدوء كتم به غضبه: "ياسمين انت بتمزحي اكيد..
اكيد بتمزحي ..انت فاهمة شو عم بتحكي ...هذا كلام بدخل برأس واحد عاقل ..هذا اللي انا بقدر عليه..في بني ادم بقدر على هيك اشي وهذا الأشي اللي اسهل من السكن بالقبور ..
لا يا حبيبتي يكثر خير خالتك العجوز على هيك تسهيلات ..انا مش عارف كيف اشكرها اللي ما طلبت اني اجيب فرقة موسيقية على المقبرة ولا انها ما طلبت احطونا بتابوت ويرقصوا فينا ..من شان الله يا ياسمين هذا كلام بدخل العقل؟ انت خايفة عليّ انجن بس يا حبيبتي بها الطريقة مش انا بس راح انجن ..كل العيلة معي راح ينجنو .
.يسعد لي العجوز تاعتك وافكارها ..ما بدها اكتب على كرت العرس تفضلوا لحضور حفل الزفاف في المقبرة الفلانية وابدا الف اوزع الكروت على الناس علشان اجيبلها معازيم بس انا لازم اكتب على الكرت :
"الرجاء عدم اصطحاب من هم دون سن السادسة عشرة ونحن غير مسؤولين عن "عقول" الحضور" ..
يا ياسمين خافي الله والله لحكي هالحكي لمجانين لصاروا يضحكوا عليّ..
"حبيبتي انا موافق اني اسكن القبر وموافق اعيش معاك تحت القبور ارحم من شروط العجوز...
قرصت ياسمين فارس بيده وقالت له: اطلع حواليك وبلفتة عين ادرك فارس بأن حركاته لفتت انظار الجميع اليه بطريقة غريبة واعتدل في جلسته على الكرسي وحاول ان يبتسم ..وقالت ياسمين:
"اول اشيء اذا مرة ثانية بتحكي معي بهالطريقة بحمل حالي وبمشي ومش حخليك تشوف وجهي من مرة ..شو انت انجنيت ..اسمع انا عارفه اني لازم اتعامل معاك مثل الولاد الصغار وعلى فكرة انا فاهمه شو بحكي مليح وكل اللي حكيته انت ولا شيء مقابل انك تنام ليلة وحدة داخل قبر علشان هيك لا تحكم على الامور بسرعة وهاي الفرصة الوحيدة اللي عندنا واذا انا مش راح اهتم فيها علشانك انت فأنا عندي اسباب ثانية اللي هي امي واختي اللي ما بدي يظلوا طول
عمرهم تحت القبور وبدي يطلعو يعيشو مثل الناس...
فقال فارس :"طيب يا ياسمين مش انت حكيتي انو انا ممكن اتجوزك واعيش معك تحت القبور لحد ما تخلفي بنت وبعدين هيك بتخلص اللعنة ويطلعو للنور؟ ..انا موافق هاي طريقة اسهل من شروط العجوز"...
ابتسمت ياسمين وقالت: يا فارس افهمني بهالطريقة مافي امل انت مش عارف شو بتحكي ..وانا بحبك وما بدي تنجن يا فارس اللي عايش بالنور ما بقدر يعيش بالعتمة...صدقني يا فارس يوم واحد ما بتقدر ..
انا بعرف اكثر منك لا تدفعني اشرحلك اكثر من هيك واحسن الك ما تعرف ..صدقني ، شروط العجوز اسهل بكثير والأشي الصعب ممكن اساعدك انا على انو يصير سهل...
فقال فارس: "طيب يا ياسمين تعالي نحكي بالعقل 09 يوم ما اشوف وجهك وانت عايشه معاي سهله وفش مشكلة كمان ما يشوف وجهك اي انسان لحد ما تخلفي بنت ..كمان سهلة وفش مشكلة اني اتجوزك على طريقة العجوز كمان هاي ممكن تصير ..نعمل عرس وما حدا يشوف وجهك كمان هاي ما بتدخل العقل بس كمان ممكن تصير.
يكون العرس في المقبرة وبالليل كمان هاي لألي انا لوحدي فش مشكلة ..بس كل قوة الدنيا ممكن تخليني اقدر اقنع واحد بحضر معي على مقبرة بالليل وكمان علشان شو ؟ علشان عرسي.. انا أي فهميني كيف ممكن؟ ..
ضحكت ياسمين وقالت: شايف كل المشاكل انحلت وما ظل قدامك الا مشكلة وحده كيف بدك تعزم الناس علشان يحضرو عرسك؟
فقال فارس مغتاظا: "اتفضلي انت واعزميهم اشوف شطارتك"
فقالت: انا بالنسبة الي هاي مسألة بسيطة كثير"..وبحركة سريعة اشارت بيدها للجرسون في المطعم وعندما حضر ابتسمت وقالت له: " ممكن اطلب منك خدمة صغيرة؟..شوف.. عرس فارس الأسبوع الجاي يا ريت تعزم كل القاعدين في المطعم وتقلهم يتفضلو عنا وطبعا بس قلهم انو العرس حيكون في مقبرة؟
فرد الجرسون محاولا ان يستوضح ..فقد ظن انه سمع الكلمة الاخيرة خطأ..
- عفوا مش فاهم وين العرس؟
فقالت ياسمين: في المقبرة ..المقبرة اللي بدفنو فيها الناس والتفتت الى فارس وقالت: اي مقبرة يا فارس حيكون العرس؟
ابتسم الجرسون واصطنع فارس الابتسامة وقال:
- هاي بتحكي عن قاعة افراح زي الزفت بتصلح تكون مقبرة مش قاعة افراح.
ذهب الجرسون وقالت ياسمين: هيك شاطر وبتعرف تغير الموضوع من جد لمزح...فقال:"اتعلمت منك!!"
فقالت: طيب خلينا نشوف شطارتك وكيف بدك تعزم الناس على عرسك؟
فقال فارس: انت مقتنعة اني ممكن انضرب بعقلي وافكر مجرد التفكير في هالموضوع.
فقالت:آه مقتنعة؟؟
فقال:اذن انت غلطانه..
فقالت:اذن انت ما بتحبني..
فقال : لأ بحبك بس لو اعمل هيك بكون مجنون والمجانين ما بتعرف تحب...
فقالت: "مش صحيح فش احلى من حب المجانين..ضحك فارس وقال: "ياسمين انت متخايله الموقف ..
ممكن احكي مع حد بهالموضوع وما يفكرني مجنون ؟
طيب مش مهم خليهم يحكوا عني اني مجنون ممكن يمشو ورا مجنون؟
فقالت: "جرب وبعدين بتحكم على الامور...صدقني يا فارس انها سهلة كثير وان صممت راح تقدر تقنعهم" ..ضحك فارس وقال: "طيب اذا هاي سهلة ممكن تحكيلي شو الصعبة..؟
"
هزت ياسمين رأسها وقالت : "الصعبة يا فارس انهم يقتنعوا بعدها ما يشوفو وجهي وما يحاولو يعرفوا مين أنا ، وما تطلع انت هلا وراك ..
لم تكمل ياسمين الجملة حتى التفت فارس ليرى ما يوجد خلفه..!تلفت فارس ليرى ما يوجد خلفه متناسيا طلب ياسمين منه ان لا ينظر الى الخلف ..
.ولكنه لم ير خلفه أي شيء..
فقال لياسمين:
ما في اشي وراي ليش قلتي لي ما اطلع وراي، شو كان في!!؟
فقالت ياسمين:لا شيء لم يكن هناك شيء في المرة القادمة حينما اطلب منك ان لا تنظر الى الخلف فأرجوك ان لا تنظر،
لقد قلت لك ان من اصعب الأمور ان تقنعهم ان لا يروا وجهي وان لا تنظر انت الى الخلف ،ولكن في اقل من ثانية نظرت خلفك فكيف يمكن ان تقنع عائلتك واقاربك ان لا يروا وجه زوجة ابنهم..؟!!
فقال فارس: هذه ليست مشكلتنا ان اقتنعوا فليكن وان لم يقتنعوا فهي مشكلتهم هم.
فقالت ياسمين:ولكن انت مشكلتي فان طلبت منك ان لا تنظر خلفك فهل ستقبل؟!
فقال فارس: نعم اعدك بأن لا انظر خلفي ابدا حينما تطلبي مني ذلك...ولكن ما دخل ذلك بما نحن فيه الان ؟!
فقالت: ستعرف قريبا والآن هيا تحرك وابدأ بأقناع تسعة اشخاص ليحضروا حفل زفافنا..
فقال فارس: ولكنك قلت لي انك ستساعديني بأقناعهم ..
فقالت :سافعل ذلك يا فارس ولم انس وارجو منك ان لا تنسى وعدك لي بأن لا تنظر خلفك ان طلبت منك ذلك..
خرج فارس وياسمين من المطعم واستقلا السيارة وسارا بأتجاه الناصرة ودار بينهما حوار طويل حول الزفاف وشروطه...وسأل فارس ياسمين الى اين تريد ان يوصلها..فطلبت منه ان ينزلها في أقرب مكان من جبل الطور ...غير فارس اتجاهه حتى وصل بالقرب من جبل الطور..وهناك طلبت منه ياسمين ان ينزلها ويكمل طريقه الى البيت فسألها فارس:الى اين ستذهبين يا ياسمين..؟فقالت له: لا تسأل ،وارجوك ان تسير الى الامام وان لا تنظر خلفك حتى ولو بمرآة السيارة...
سار فارس وتركها بجانب الطريق وتجنب النظر الى الخلف حتى ابتعد عنها...واخذ يفكر طوال الطريق كيف يستطيع ان يقنع عائلته بحضور زفافه داخل مقبرة وماذا سيقول لهم ؟.
وصل فارس الى البيت وجلس يفكر قليلا وقرر ان يحدث امه بهذا الموضوع خاصة وان امه هي الوحيدة التي تعرف ب "لعنة جورجيت"احتار فارس كيف يبدأ معها الحديث ولم ينس بعد ما حدث لها حينما تحدث معها بهذا الموضوع وانه وعدها بأن لا يتحدث بشأنه امامها.. قرر فارس انه لا بد من ذلك وتوجه الى حيث تقعد امه وقال لها...
:"يا امي بدي احكي معك بموضوع انا وعدتك وبعرف انك ما بتحبي تسمعيه ..!!!"
احتدت ام فارس وقالت له:"بدك تحكي بموضوع
"جورجيت" انا ما عندي اشي احكيلك اياه انا حكيتلك كل اللي بعرفو وانت عمرك ما تراح تصدق ..انت راسك ناشف وحترجع تقل لي هاي قصص عواجيز ما بتخوف...انتو يا اولاد المدارس ما بتصدقوا انو في اشياء كثيرة ممكن تصير وبتفكروا حالكم انتم بس اللي بتفهموا .."
ربت فارس على كتف امه وقال لها:يا امي انا مصدق كل اشي عن قصة جورجيت ..وانت ما كذبت علّي وكل كلامك مزبوط..
نظرت اليه وقالت: "طيب يا امي ما دمت مصدق اعمل زي ما قلتلك وسافر لبعيد ولا تخلي جورجيت تعرف محلك بلك الله نجاك منها" ..امسك فارس بيد امه وقال :"لا تخافي يا امي ، جورجيت ماتت واللعنة حتخلص قريب كثير".
قاطعته امه قائلة :"ارجعت تحكي لي جورجيت ماتت والبنت الحلوة اللي حكيت لي انها اعطتك صورة ابوك وجدك ما هاي هي جورجيت ،ليش ما بتصدق ؟ قلتلك جورجيت ما بتموت...!
فقال فارس: لا يا امي فش حدا ما بموت، وكمان مش معقول بعد مية سنة جورجيت تكون لسه عايشة ،والبنت الحلوة اللي حكيتلك عنها هاي مش جورجيت هاي اسمها ياسمين ..وجورجيت بتكون ستها..
[/color]فقاطعته امه وقالت:لا يمه لا تصدق هاي جورجيت ..
فرد فارس:يا امي انا صرت بعرف بالقصة اكثر منك هاي بنت بنتها وانا بحبها وراح اتجوزها.
فقالت الام وهي تبكي:بدك تتجوزها يمه ..هاي جاي تنتقم منك لانك من ولاد الدهري لا تصدقها يمه ..!!
فقال فارس:صدقيني يمه لو بدها تعمل فّي اشي كان عملت زمان وما في حد منعها ..افهميني الله يخليكي يا امي بعد ما اتجوز ياسمين راح تنتهي اللعنة كلها ..وفي اشياء كثيرة ما بتعرفيها انت بس انت اطمئني ولا تخافي.
صمتت ام فارس وهي لا تدري ماذا تقول او تفعل وايمانها كبير بأن ما سيرسمه القدر لا يمكن ان تغيره..وشرد فارس بخياله هو ايضا فهو لا يدري كيف سيشرح لامه بأن زواجه من ياسمين لا يتم الا بشروط واحداها ان الزواج سيكون في احد المقابر وفي ساعات الليل.
وتجرأ فارس وبدأ يشرح لامه محاولا اقناعها بطريقة الزواج الغريبة ولكنه فوجيء بأن امه اخذت تصرخ وكاد ان يغمي عليها فور سماعها لما قاله وعبثا حاول فارس ان يهدئها ..وبالرغم انه قال لها انه بيمزح لا اكثر ولا اقل ولكن امه ظلت تصرخ وتبكي بصوت عال واستسلم فارس وتركها لتهدأ لوحدها ،وفي هذه الاجواء المشحونة بالبكاء والصراخ دخل علاء الاخ الاصغر لفارس الغرفة ليستوضح سبب بكاء امه وصراخها...!!
وقبل ان يسأل قالت امه :شايف يا علاء اخوك فارس انجن وبدو يجننا معاه ...
بدو يتجوز في المقابر ..اخوك هذا بدو مستشفى مجانين.. "جورجيت" طيرت مخو من راسه..
اخذ علاء يهدىء من روع امه وهو يزم على شفتيه محاولا حبس ضحكته مما سمعه منها ...هدأت امه واصطحبها الى شرفة المنزل لتستنشق قليلا من الهواء وعاد الى فارس ليسأله عما يحدث....فأجابه فارس:لا شيء يا علاء لا شيء ..فأصر علاء ان يعرف القصة والسبب الذي دفع امه لتصاب بهذه الهستيريا..فقال له فارس بانه لا توجد اية قصة وان كل ما فّي الموضوع انه يحب فتاة ويريد ان يتزوجها واشترطت هذه الفتاة ان يتم الزفاف في احدى المقابر..
حاول علاء ان لا يضحك ولكنه لم يستطع واستفز فارس من ضحك علاء وهم بمغادرة البيت الا ان علاء امسك بيده وقال له: "لا تزعل يا فارس ولا تلومني مهو يا بضحك يا بصير اصرخ وألطم على وجهي زي امك"..الطريقة التي تحدث بها علاء جعلت فارس يضحك هو ايضا وجلس وقال لعلاء:معك حق تضحك بس افرض اني انا بمشكلة كبيرة وهالمشكلة هاي ما بحلها الا اني اتجوز في المقبرة ...انت بتساعدني وبتيجي معي ولا لأ..؟!!
صمت علاء قليلا وبداخله اعتقد ان اخاه فارس يمزح لا اكثر ولا اقل وفكر انه لم يكن فارس يمزح بل هو فعلاقد جن وقال لفارس:
"طبعا انا معك وانا جاهز اروح معك وين ما بدك".
لم يخف على فارس ما فكر به علاء وابتسم وقال له:"انا بمزح يا علاء بمزح" وخرج فارس وركب سيارته واخذ يتجول من شارع الى اخر وهو يفكر ماذا يستطيع ان يفعل وقد اغلقت امامه كل الابواب فهو لم يستطع ان يقنع امه واخاه وهما اقرب الناس ...
وتذكر فارس غضب امه وعاد الى البيت مسرعا خشية ان تحكي امه قصة جورجيت لعلاء ، خاصة ان علاء لا يعرف عن هذا الموضوع شيئا. توجه فارس لامه فوجدها لا تزال تبكي وهي تجلس مع علاء ..فاقترب فارس منهما وهو يدعو الله ان لا تكون امه قد قالت
شيئآً لاخيه .
.فجلس معهم واكتشف ان امه لم تحك لعلاء سوى ان فارس "بحب بنت غريبة وراح تجننه" ..
.وشاركهما فارس الحديث واطمئن حينما شعر بأن امه حريصه اكثر منه ان لا يعرف علاء ان فارس من عائلة اخرى غير عائلته..
.خرج فارس مره اخرى وسار بالسيارة لساعات وبعد ذلك اوقف السيارة واخذ يسير على قدميه حتى ساعات متأخرة من الليل وهو شارد الذهن يسير الى حيث تأخذه قدماه ..ولم يقطع شروده وسرحانه الا صوت مفاجيء جاءه من الخلف :"فارس لا تطلع وراك
" ،وفور سماع صوت ياسمين الذي ميزه فارس بسرعة تلفت خلفه ليراها تسير بعيدة عنه عدة اقدام...اقتربت ياسمين من فارس وسارت بجانبه وطلبت منه ان يستمر في سيره ..وقالت له غاضبة: انت وعدتني لما اطلب منك ما تطلع وراك مش راح تطلع ليش اطلعت وراك ليش ما حافظت على وعدك انا كيف بدي اثق فيك واركن عليك ولسه ما مر يوم على وعدك وانسيتو...
قاطعها فارس وقال لها: "ما صار شيء يستحق كل هالزعل انسيت وطلعت شو صار.. طارت الدنيا".
فقالت ياسمين:"يا فارس لا تستهتر بالامور انا طلبت منك اشي .. سويه وبس..."
فقال فارس محاولا ان يحسم الموضوع: "حاضر والله العظيم ما راح اتطلع وراي واعتبريها اخر مرة .."!
فقالت ياسمين: طيب يا فارس بس بحب احكيلك اني انا ما بعرف شو حيصير في وحده من المرات اللي بطلب منك فيها ما تّطلع وراك وتنسى انت وتطلع لا تستغرب ان قلتلك انو ممكن يصير اشي كثير مش مليح علشأنك وعلشاني..
فقال فارس: حاضر حاضر مش راح انسى.
فقالت ياسمين وهي تضحك: "المهم حكيت مع حماتي على العرس؟...اكيد انبسطت كثير."
فقال فارس :انبسطت كثير كثير ومن الفرحة كان راح يغمى عليها.
فقالت ياسمين: بعرف قديش فرحت هي وكمان اخوك علاء ما في داعي تحكيلي المهم انت بعد فشلك الكبير مع امك واخوك شو راح تسوي ...؟
فقال فارس مستغربا: اول شيء انا بدي اعرف هلأ كيف انت بتعرفي شو صار بيني وبين امي واخوي وانا تاركك جنب جبل الطور؟
فهزت ياسمين رأسها وقالت ..انا ما بعرف اعتبرني خمنت مش اكثر ، المهم شو راح تسوي ..
فقال: فش امل مستحيل ، هاي فكرة مجنونة ولازم اول ينجنو علشان يوافقو... !
ضحكت ياسمين وقالت: طيب بسيطه خليهم ينجنو وهيك انحلت المشكلة واذا بدك بساعدك.."!
فقال فارس: انك تجننيهم ما عنديش شك انه بطلع بايدك وزيادة يا ياسمين ..لازم انسى هالموضوع ، ما بدي يصير بأمي اشي بسببي .."... ......
فقالت ياسمين: سلامتها حماتي وانا كمان ما بدي يصير فيها اشي واكثر من هيك انا
كمان حساعدك وحخليلك امك تنسى كل اشي بتعرفو عن هالموضوع من اولو لاخره ومن اول يوم عرفت فيه ابن الدهري لليوم ..هذا واكثر من هيك.. كمان ما في داعي انها تيجي وتحضر عرسك بالمقبرة ..شرط العجوز انو يحضروا تسع انفار من طرفك ..ومش ضروري امك تكون بينهم...فكر فارس قليلا وقال: "ولا اخوي علاء .."
فقالت ياسمين :وكمان علاء ما في داعي ييجي...
فقال فارس: طيب ما بنفع اكون انا لوحدي وتخلص هالمشكلة"!؟
فقالت ياسمين: لو هالموضوع بأيدي بينفع بس الشرط شرط تسع انفار من طرفك لازم يحضرو مش مهم شو يكونو ..اقاربك او معارفك او اصحابك .. انت حر اختار اللي يناسبك.
لمعت برأس فارس فكرة ان يقوم بأستئجار تسعة اشخاص ما دام لا يهم من يكونوا بالنسبة له مقابل النقود وليس من المستحيل ان يقنع تسعة اشخاص او عشرة ولكن فرحته تلاشت حينما فكر بانه يحتاج الى مبلغ كبير ليستطيع اغراء الاشخاص بحضور حفل زفافه داخل المقبرة خاصة وان ظروفه المالية في الآونة الاخيرة سيئة جدا.
فشرح لياسمين فكرته وقال لها انه سيضطر لبيع سيارته ليوفر مبلغا قد يكون كافيا ..
فقالت ياسمين: اذا المشكلة مشكلة فلوس انا بقدر اساعدك واكملت مازحة : انا كنت اوفر المصروف اللي بوخذو من امي لهيك يوم..
فضحك فارس وقال: على هيك انت موفرة مبلغ كبير ...يعني ممكن الاقي معك مية دولار..
فاخذت ياسمين تحسس على اصابعها وهي تضحك ممكن اكثر شوي...!
فقال فارس: اكثر بقديش يعني؟...ممكن يكفو لعشا في مطعم على مستوى..؟
فقالت ياسمين: اه بيكفو نتعشى في مطعم واذا بدك كمان بتقدر غير ثمن العشاء ..تشتري كل مدينة الناصرة وحيفا كمان...
فضحك فارس لكلام ياسمين وقد ظن انها تمزح...فقالت له بجدية: "على فكرة انا ما بمزح "..اذا كان الموضوع موضوع فلوس انا واختي عندنا ذهب بشتري الناصرة وحيفا واكثر من هيك وعمرو ما كان له قيمة ..وعمرنا ما فكرنا انو بسوى يوم واحد نعيشو بالنور مثل الناس..لا تبيع السيارة ولما تروح على البيت حتلقى المشكلة محلولة ...بس لا تنسى انو الاشخاص اللي بدك تستأجرهم علشان يحضرو عرسك لازم يعرفو بالاول انهم جايين على عرس فيه عريس وفيه عروس ومش على مزحه ولا على لعبه ولو انسحب واحد منهم بارادتو حيفشل كل اشي يا فارس"
...استمر فارس وياسمين بالسير وتوقفت ياسمين فجأة وسار فارس عدة خطوات واراد ان يتلفت الى الخلف ليرى لماذا توقفت ولكنها قالت له قبل ان يتلفت ...فارس لا تتطلع وراك..!
شد الفضول فارس لينظر الى الخلف ولكنه تذكر تحذيرها له واستمر بالسير وهي تسير خلفه دون ان يراها وتحدثه ويتحدث معها..حتى توقف الحديث فجأة ووقف فارس دون ان يتلفت الى الخلف لعدة دقائق وهو يقول :ياسمين.. ان كنتي لساتك وراي احكي
"..فلم يتلق فارس أي جواب واستمر بالسير الى الامام دون ان يلتفت الى الخلف وسار بشكل دائري حتى وصل الى سيارته وركبها وعاد الى البيت ووجد ان امه واخاه نائمان.... فدخل لينام ففوجيء بانه رأى على سريره مجموعة من القطع الذهبية القديمة.. وللحظة لم يعلم كيف وصلت الى غرفته وهم بأن يذهب ويسأل امه واخاه ولكنه تذكر ان ياسمين "ام الجماجم" قالت له انه حينما يصل الى البيت سيجد ان مشكلة الفلوس قد حلت .لم يستغرب فارس قيام ياسمين بإحضار قطع الذهب ولكن ما اثار دهشته هي كيف استطاعت ادخالها الى غرفته وهو قد تركها خلفه؟ ..تحسس فارس القطع الذهبية بأصابعه...وفكر كثيرا وقال لنفسه:
لو ان ياسمين "ام الجماجم" صادقة في ما قالته فسيصبح اغنى رجل في البلاد...في صباح اليوم التالي توجه فارس الى احد محلات المجوهرات في مدينة االناصرة واطلع صاحبها على احدى القطع وبعد ان تفحصها صاحب المحل قال لفارس انه يعتقد انها تساوي الكثير وعرض على فارس مبلغا من المال مقابلها الا ان فارس وجد المبلغ تافها وتوجه الى آخر فدفع له مبلغا اكبر فباعه جميع القطع التي معه بمبلغ يزيد عن العشرة الاف دولار ..سار فارس وقرر ان يتوجه الى احد اصدقائه السابقين ليساعده في جلب التسعة اشخاص لحضور زفافه في المقبرة مقابل المال حيث التقى صديقه ذا العلاقات الاجتماعية العديدة وطلب منه المساعدة ..
صديق فارس استعد لأن يقوم بمساعدته شريطة ان يقنعه فارس اولا بالسبب الحقيقي ..حاول فارس ان يقنع صديقه بأن الموضوع هو زفاف فقط اشترط ان يتم في مقبرة ويجب ان يكون هناك من طرفه تسعة اشخاص.. ولكن صديق فارس لم يقتنع ولم يضحك فقد ظن ان الامر اكبر من هذا بكثير وبعد جدل طويل بين فارس وصديقه اتفق الاثنان على ان يتم الامر وان يقوم صديق فارس بالبحث عن الاشخاص الملائمين لهذه المهمة واعطاه فارس الف دولار تحت الحساب...وتركه على ان يعود اليه في الغد.
وفي اليوم التالي حضر صديق فارس الى بيته واخبر فارس وهو يضحك بانه استحال عليه اقناع أي شخص بهذه الفكرة وقال لفارس : ولكن الطريقة الوحيدة التي استطيع بها اقناع هؤلاء هو ان تحضر "كاميرا فيديو" لتقول لهم بأننا سنصور مقطعا من فيلم
او ما شابه ...اقتنع فارس بالفكرة وقال لصديقه: ليكن ذلك ثم غادر صديق فارس ليكمل المهمة..وجلس فارس في حديقة المنزل ينتظر امه لتحضر له فنجان القهوة وفي الشارع المحاذي للحديقة توقفت سيارة تكسي وترجلت منها ياسمين ذات الخمار وتوجهت الى حيث يجلس فارس في الحديقة التي لا تبعد عن الشارع سوى عدة اقدام.. رآها فارس واخذ يتلفت حوله خشية ان تكون امه قد رأتها..
اقتربت ياسمين من فارس وقالت له: شو قصتك ليش بتتلفت حواليك ؟
فوقف فارس وقال لها: هيا لندخل الى غرفتي بسرعة قبل ان تراك امي..لم تأبه ياسمين بطلب فارس وجلست في الحديقة وقالت له: انت بتعرف مليح انو شكلي حلو وما بخوف ولا بعيب كمان علشان تخبيني عن اهلك وجيرانك يا فارس..
فرد فارس :"انت عارفه اني ما بقصد هيك..وانت فاهمة انا شو بقصد.. امي بتعرف انت مين وما بدي اياها تخاف ..
فقالت ياسمين: انا ما بخوف يا فارس
فقال فارس: طيب على راحتك اقعدي وين ما بدك وانا داخل اجيبلك القهوةفقالت :لا تغلب حالك خليك قاعد ..امك هلأ بتطلع وبتجيبها الا اذا كان قصدك تدخل علشان امك ما تطلع بره.
حك فارس رأسه بيده ففعلا هذا ما قصده وعاد وجلس بجوار ياسمين وهو يفكر ماذا سيحدث الان حينما تخرج امه وترى ياسمين ذات الخمار ...قالت له ياسمين:
لا تفكر كثير يا فارس بس بعتقد انو بكفي ولازم تواجه الامور شوي ..
فقال فارس :هاي امي يا ياسمين وما بدي...
فقاطعته ياسمين : ما بدك شو يا فارس ؟..ما بدك تشوفني بس اول على اخر راح تشوفني ولا بدك تظل مخبيني طول عمرك..؟
فقال فارس:لو ما بتعرف في القصة مش مشكلة ..صحيح يا ياسمين انت وعدتيني انك حتنسي امي كل قصة الدهري وجورجيت وحتنسي كل شيء ..
فقالت ياسمين:انا ما وعدتك يا فارس انا قلتلك حساعدك اني اخلي امك تنسى قصة الدهري من اولها لاخرها ..بس اسم جورجيت احنا بنذكر الناس فيه مش بنسيهم اياه ...انا حساعدك بس مش مستعدة اشعر انو امك احسن من امي واول اشي لازم تتعرف عليّ على حقيقتي ..ياسمين بنت لعنة بنت جورجيت وانو هاي اللي راح يتجوزها ابنها فارس علشان يا فارس انا فخورة بأهلي وما بدي اشعر في المستقبل وبعد سنين انو اقرب الناس لألك ما كان يعرف مين انا ..انا موافقة اني اتجوزك بدون ما حد يحضر من اهلك بس لازم حد من اهلك يتعرف على اللي حتصير زوجة ابنهم بعد هيك انا حساعدك انها تنسى كل اشي ولما نخلف بنتنا الامورة ونسميها "جورجيت".. امك حتكون ستها وان كانت ناسية حتذكر اول ما تشوف بنتنا الصغيرة الامورة جورجيت.
صمت فارس قليلا ثم وقف وقال لياسمين:
"معك حق يا ياسمين انا لازم اواجه الموقف ولازم اعرف امي عليكي..دخل فارس الى البيت ووجد امه قد وضعت فنجان القهوة على الطاولة وجلست تضع يدها على خدها كئيبة حزينة ..
اقترب منها فارس وقال لها :مالك "يما" ليش هيك قاعدة حزينة انا عندي برة ضيوف وبدي اعرفك عليهم..
هزت ام فارس رأسها :"شفتها يمه ..شفتها من الشباك لما اجيت بدي اطلعلك القهوة الله يستر من اللي حيصير.
فقال فارس:لا يما لا تخافي ولازم اعرفك عليها هاي ياسمين وراح اتجوزها الاسبوع هادا ودار حوار بين فارس وامه التي يتملكها شعور بأن ابنها ذاهب الى الهلاك ..امسك فارس بيد امه وخرج معها الى الحديقة حيث تجلس ياسمين اقترب منها وقال: "هاي امي يا ياسمين وهاي ياسمين يمه..."
ابتسمت ام فارس وهزت برأسها وقالت اهلا وسهلا وابتسمت ياسمين وهزت برأسها هي الاخرى مقلده ام فارس وقالت اهلا فيكي ..واخذ فارس يعرف الواحدة على الاخرى ويمهد الاجواء لتتحدث الواحدة مع الاخرى..
وقالت ام فارس ببساطة ومن منطلق خوفها على فارس والله فارس بحبك كثير وفارس كان صغير وما لو دخل في اللي عملوا سيدو سالم معك..
قاطع فارس امه بسرعة وقال :"يمه انا قلتلك هاي ياسمين بنت بنت جورجيت ومش جورجيت "...فقالت ياسمين موجهة كلامها لام فارس :
"انا بعرف انو فارس بحبني وكمان انا بحبو علشان هيك بدنا نتجوز ...
فقالت ام فارس :والله هالصوت اسمعتو قبل هالمرة والله هالصوت اجاني وانا نايمة وانا صاحية ومش ممكن انساه هادا صوت جورجيت..
اراد فارس ان يتكلم ولكن ياسمين سبقته وقالت انا الي الفخر انو صوتي يشبه صوت ستي جورجيت وحكون سعيدة اكثر اذا كان صوت بنتنا انا وفارس بطلع مثل صوت ستي جورجيت..!
فقالت ام فارس :حرام فارس ما الو ذنب في اللي صار..
ردت ياسمين ثانية:وشو شايفيتني بدي اوكلو.
تدخل فارس بسرعة حتى لا يحتد النقاش اكثر بين امه التي لا تريد ان تقتنع بأن التي تراها هي حفيدة جورجيت وليست جورجيت ..وبين ياسمين ..وانتهى النقاش في اجواء متوترة..ودخلت ام فارس الى البيت تاركة خلفها ياسمين وفارس في جو مضطرب.
فقال فارس محاولا تهدئة ياسمين:انت مش لازم تزعلي من امي.. القصة كلها مخربطة حياتها وبله