تلعثم فارس ولم يدر ماذا يقول واخذ يتساءل هل تدرك ياسمين قيمة هذه الاشياء الحقيقية اما انها تجهل؟لا بد انها تدرك والا فكيف ادركت قيمة القطع الذهبية التي باعها في المرة الاولى...فسألها فارس :من اين احضرت هذه الاشياء يا ياسمين..؟!.
.فقالت:ببساطة في بيتنا عنا كثير كثير منها لو بدنا نعدهم ما بنقدر..
.بس امي دايما كانت تقول الي ولاختي انو ممكن ييجي يوم ونستفيد من هذه الاشياء ..وما عمرنا استخدمنا الا القطع الذهبية الصغيرة..
كنا لما نطلع من القبور انا او اختي ونصدف حد نشعر انو مليح كنا نعطيه قطعة او ثنتين.
فسأل فارس بطريقة لا شعورية: هو كم قطعة عندكم منها..؟!
فقالت:صناديق كثيرة ما عمرنا فكرنا نعدها...
فقال فارس لياسمين: انت عندك فكرة انك بتحكي عن ثروة ضخمة ؟
فقالت :بنعرف من زمان وانا قلتلك انو عندنا ذهب بشتري كل بلدكم ...بس بالنسبة النا كل هذا ما الو قيمة عندنا وما يلزمنا ولا عمرو ما راح يلزمنا.
فسأل فارس: طيب امك والعجوز ما عارضو لما انت طلعت الاغراض هاي من المقابر من بيتكم من محل ما جبتيها..؟
فقالت ياسمين:لأ ليش يعارضوا هاي اشياء ما الها قيمة واذا كانت ممكن تفيدني بره القبور ليش ما استخدمها؟
واخذت ياسمين تتحدث مع فارس وتقوم بتعليق وترتيب الاغراض التي احضرتها معها في الغرفة فتضع جمجمة هنا وجمجمة هناك وتصف الشموع والبخور وبعض القطع الفريدة التي ملأت بها الغرفة وغيرت شكلها ووضعت على نوافذ الغرفة ستائر قماشية حتى لا يتسلل النور اليها وفارس تارة يبتسم وتارة يحك رأسه وهو يراقب ياسمين وما تفعله ولم يكن ليتخيل نفسه انه سيستطيع ان يقضي ليلة واحدة في وسط هذا الجو الغريب الذي صنعته ياسمين ودعا الله ان لا تقرر ياسمين تحويل البيت كله بهذه الطريقة وتكتفي فقط بغرفته وتمنى لو انه يستطيع ان يقنع ياسمين بأخفاء الجماجم الصغيرة عن الانظار حتى لا يراها احد وبالأخص امه.
فقال لها محاولا ان لا يظهر اهتمامه بوجودها: بتعرفي يا ياسمين كل اشي في الغرفة هاي صار حلوبس الجماجم مش جاي في محلها ما بعرف يمكن انت شايفتيها حلوة بس شو رايك لو خبيناها في الخزانة؟
ضحكت ياسمين وقالت:انا عارف انك مش مرتاح لوجودها اول اشي انا قلتلك من زمان اذا بتذكر هاي مش جماجم هاي حجار وانا بتفاءل فيها وعلى فكرة هاي اغلى اشي عندي وهاي الوحيدة اللي الها قيمة عندي ليش انت مفكر انها جماجم؟
فقال فارس:علشان هي جماجم شكلها جماجم لونها جماجم بدك اسميها حجار وهي جماجم ؟
امسكت ياسمين بيدها احدى الجماجم وقالت : اتطلع عليها مليح عمرك شفت جمجمة بهالحجم؟
فقال فارس:ممكن تكون جمجمة لواحد راسو صغير كثير او لطفل...فقالت: شكلك مش راح تقتنع انا ما بكذب عليك هاي مش جماجم ولو كانت جماجم كنت حكيتلك واعادت ياسمين الجمجمة الى مكانها واخذت ترتب ملابسها في الخزانة وفارس يراقب لعله يرى شيئا لونه غير أسود ولكنه يفاجأ بأن ياسمين تقوم بأخراج عشرات العباءات والكفوف والخمارات ذات اللون الاسود ..
.وتضع كل واحد في مكانه حيث يستحيل التمييز بين الواحد والآخر
.
فيقول لها:ممكن تشرحي لي شو الفرق بين العبايا هاي والعبايا هاي؟
تضحك ياسمين وتقول: الفرق كثير كثير...هاي عباية للمناسبات وهاي للبيت وهاي للنوم وكل واحدة الها استعمالها الخاص.
فقال فارس: بس انا مش شايف أي فرق بين الوحدة والثانية.
فقالت: ممكن انت ما بتقدر تميز بس كل وحده مصنوعة من قماش مميز وعلى فكرة الفرق بين الوحده والثانية كثير كثير.
سمع فارس صوتا خارج الغرفة يناديه فخرج فوجد امه ترمقه بنظرات غريبة وقالت لهتفضل انت وشيختك تعالو كلو..)
نادى فارس ياسمين وتوجها الى مائدة الطعام وتناولا الطعام ولاحظ فارس ان ياسمين تأكل فقط من باب المجاملة لوالدته وبعد الانتهاء قامت ياسمين بحركة مفاجئة واعدت القهوة بسرعة وعادت بها..
.وكان الجو وديا قليلا بين ام فارس وياسمين فسألتها ام فارس: (من وين انت يا بنتي...ما بدك تحكي لي من وين اصلك ومين اهلك..؟!)
صمتت ياسمين قليلا وقالت بهدوء :انا يا خالتي اصلي من الشام ابوي مات وانا صغيرة وتنقلنا في اكثر من بلاد وقبل أكم سنة اجينا على فلسطين وبعد ما مات ابوي امي نذرت اني انا واختي نلبس هيك لحد ما الوحدة منا تتجوز وتخلف واحنا بنحب امنا كثير وعلشان هيك عنا استعداد نموت وما نخالف نذرها وهذا السبب اللي بخلينا نلبس هيك.
فقالت ام فارس لياسمين ولكن هذه المرة بلهجة حنونة: بس يا بنتي هذا اشي مبالغ فيه ومش معقول بتقدري تحطي على راسك منديل وبكفي بس انت مغطية اصابعك وعينيكي قدام الرجال والنسوان كيف بتقدري تعيشي هيك..؟!
تنهدت ياسمين وقالت: النذر نذر يا خاله ولو بأيدي ما لبست هيك..
شعر فارس براحة للتقارب الذي حدث بين والدته وياسمين وان ياسمين قادرة على الاجابة على كل سؤال تسأله امه بطريقة ذكية ومقنعة تلائم الواقع ودون استخدامها للكذب حتى ان الحوار استمر بين الاثنتين لساعات دون ان تشعر الواحدة بملل او هذا ما خيل لفارس الذي كان يخرج ويعود ويجدهما في نفس الحديث...وما فاجأ فارس ان الحديث بين امه وياسمين لم يقتصر حول شخصية ياسمين الغامضة بل امتد الى امور شتى بدءا من البيت ووصولا للجيران.
مرت الساعات وحل الليل وكل شيء يسير على ما يرام واكثر من المتوقع ولكن فارس يعلم ما سيحدث لو ان امه عرفت انه سينام في نفس الغرفة مع ياسمين او لو ان امه دخلت الى الغرفة ورأت الاجواء الغريبة التي صنعتها ياسمين من جماجم وشموع...واخذ فارس يدعو الله ان يصيب امه النعاس لتذهب الى النوم ولكن هذا لم يحدث الا بعد منتصف الليل حيث توجهت امه لتنام بعد ان سألت ياسمين ان كان ينقصها شيء وبعد ان اخبرت فارس بأنها اعدت له الفراش بغرفة اخيه علاء..
اخذ فارس يفكر باللحظات القادمة كيف ستنام ياسمين ...وهل ستبقى كما هي مرتدية الخمار والعباء التي تخفي حتى تقسيمة جسدها..وماذا سيفكر علاء وهو سيعلم حتما ان فارس امضى الليلة في غرفة ياسمين..
.لم يعد هناك وقت للتفكير فقد اشارت ياسمين لفارس بأن يذهب معها الى الغرفة ...وحينما دخلا اغلقت ياسمين باب الغرفة...وقالت لفارس انا ما بتفرق عندي اسهر للصبح بس الك انت مش مليح وهلأ لازم تنام.
واخذت ياسمين تشعل الشموع وعدة اعواد من البخور وفارس يقف مكانه لا يعلم ماذا يفعل ...
وكانه ينتظر اوامرها...التفتت ياسمين اليه وقالت مستغربة...:شو بدك تظل واقف غير اواعيك ونام .
استجاب فارس لطلبها مرتبكا قليلا وهو يخرج بجامته من الخزانة ليرتديها امامها ..ومن ثم يتوجه الى السرير لتبقى عيناه مفتوحتين تراقبان ما تفعله ياسمين.
اخرجت ياسمين احدى العباءات وخمارا ...فوجد فارس بانها فرصة ليتلصص بعيونه لعله يرى شيئا غير السواد..ولكن ياسمين خيبت ظنه وقالت لفارس: يا حبيبي ممكن تدير ظهرك علشان اعرف البس...!
ادار فارس ظهره وما هي الا ثوان حتى استلقت ياسمين بجانبه وطلبت منه ان يحتضنها ...طوقها فارس بذراعيه وهو مرتبك ..وقالت له ياسمين: وهلأ تصبح على خير ونام.
بقي فارس محتضنا ياسمين وعشرات الصور تدور في رأسه وتشده اليها لتدفعه احيانا ليحضنها بقوة واحيانا برقة ويفكر للحظات ان يمد يده ليرفع القماش الاسود الذي يلفها بالكامل ولكن خوفه من غضبها يجعله يتردد ويحاول النوم وطرد الصور الكثيرة ولكنه لا يستطيع..فيفكر بالخروج من الغرفة او الابتعاد عنها قليلا ولكنه يخاف ان تحرك ان يوقظها ..
.يتمنى لو يستطيع حتى ان يقبلها ولو قبلة صغيرة او ان يده تلمس جزءا من جسدها دون ذلك الساتر الاسود ...
ولكن هيهات فالقماش الاسود لا يترك له ثغرة حتى ولو بالصدفة..
يفتح فارس عينيه ولا يدري كيف غفا ونام..ولكنه لا يجد ياسمين بجانبه ويجول بعينيه في انحاء الغرفة ولا يراها يخرج من غرفته المعتمة فيرى الشمس قد تسللت الى البيت منذ وقت ...ويتوجه الى المطبخ ليرى ياسمين تشرب القهوة وتضحك مع والدته وبنظرة خاطفة يعرف ان الساعة التاسعة صباحا..
.يغسل وجهه ويبدل ملابسه ويتساءل ان كانت امه قد عرفت اين قضى ليلته في غرفة علاء ام مع ياسمين..ويعود الى المطبخ من جديد فتضع له ياسمين طعام الافطار وتقول له: بانها افطرت مع والدته قبل ساعات ولم تحب ان توقظه ..ينظر فارس الى عيني امه لعله يعرف ان كانت قد عرفت ام لا فالساعة التاسعة ولا بد ان امه كعادتها كل صباح تتجول في كل الغرف ...
بعدها لا يدري فارس ماذا يفعل او الى اين يذهب فهو ينتظر اوامر ياسمين..فتفاجئه ياسمين وتقول له:بفكر انو هلأ لازم ترجع لشغلك ولا بدك تظل قاعد في البيت ؟يخرج فارس من البيت ويجدها فرصة للتوجه الى نابلس لرؤية صديقه الذي يدين له بالكثير ..ويصل فارس الى نابلس ويجد صديقه ويشكره ويعتذر منه عن اليوم السابق ويرجوه فارس بأن يبقي الامر وما حدث في المقبرة سرا وان يحاول ان يختلق أية قصة لهؤلاء الجبناء الذين هربوا حتى لا تتحول حكاية المقبرة الى قصة في البلاد..
فطمأنه صديقه وقال له بأنه قد فعل ذلك وقد اخبرهم بأن ما حدث في المقبرة ما هو الا محاولة لسرقة قبور والمقنعات اللواتي رأونهم وخافوا منهن ما هن الا اشخاص تخفوا حتى لا يعرف بأمرهم احد ولكن بالرغم من كل ذلك لم يكن صديق فارس ليقتنع رغم انه اختصر عشرات الاسئلة بان ما رآه ليس من الجن والعفاريت.
عاد فارس في ساعات المساء الى البيت ووجد ياسمين بانتظاره فسألته: الى اين ذهب فأخبرها.
وسألته:متى سيعود الى عمله ..فقال لها :انه لم يعد لديه عمل يقوم به..
فقالت له:امك حكتلي انك بطلت تشتغل وايام كثيرة ما بتنام في الدار ...فضحك فارس وقال :بس انت عارفه شو السبب .
فقالت:طيب هلأ لازم ترجع على الشغل علشان نبدي نفكر بمستقبلنا.
ضحك فارس لحديث ياسمين فكل الذهب والثروة التي تملكها هذه المخلوقة وتطلب منه العمل من اجل المستقبل؟
وقال: شو ممكن اشتغل ..شغلي سنة بساوي قطعة ذهبية صغيرة من اللي عندك يا ياسمين ...
هزت ياسمين رأسها وقالت:بتعرف يا فارس شو خطر ببالي ؟انا عندي صناديق ذهب كثيرة واشياء بتتصورهاش ممكن تشتريلك البلد واللي فيها...هذا اللي بملكو انا واختي وامي بس كمان بعرف عن اشياء تحت الارض مخك مش راح يتصورها ..بالك ايش ممكن نعمل فيها؟
فقال فارس:اشياء كثيرة يا ياسمين ممكن نعيش مثل الملوك واكثر كمان.
واخذ فارس يشرح لياسمين ما يمكن فعله وياسمين تهز رأسها وتصغي لفارس بأهتمام كثير ..
.مرت اكثر من ساعتين وفارس يشرح وياسمين مهتمة بكل كلمة يقولها بدون مقاطعة او ملل بل احيانا كانت تعطيه افكارا مثل شكل القصر وموقعه ونوع الحديقة وعدد الخدم والطباخين...الخ.
وقفت ياسمين وبفرحة قالت:فارس لازم الليلة نحتفل امشي نطلع وانا ححكي لامك انو راح نتأخر ...
خرجت ياسمين وفارس واستقلا السيارة وسارا في الطريق وطلبت ياسمين من فارس ان يتوجه الى نابلس ...فقال فارس :ياسمين لا تحكيلي انو رايحة على مقابر ..؟!
ف
قالت له: ابدا يا حبيبي انا حكيتلك حنحتفل بمناسبة مستقبلنا السعيد.
حاول فارس ان يثنيها عن الذهاب الى نابلس متحججا بتأخر الوقت ولكنها أصرت على ذلك وحينما وصلا الى نابلس طلبت منه ان يتوجه الى صديقه الذي شهد على زفافهما...
استغرب فارس الامر وعارضه بشدة محاولا ان يستوضح منها عن السبب ..
فقالت له :انها تريد ان تكافئه ...فقال فارس انه فعل ذلك واعطاه الكثير من النقود ..
.فقالت :انها هي ايضا تود ان تقوم بذلك بنفسها ...وامام اصرار ياسمين توجه فارس وبحث عن صديقه حتى وجده وطلب منه ان يصعد الى السيارة وما ان رأى صديقه ياسمين تجلس بجانبه حتى تجهم وجهه وخاف وتردد في الصعود الى السيارة ....
في باديء الامر ومن ثم ركب في الكرسي الخلفي يتحدث بسره:>باين هالليلة سودا من اولها"...ولكن ياسمين اخرجت من تحت عباءتها مجموعة من الدولارات والشواقل وقالت له:هاي هدية صغيرة من اخوك فارس ..وطلبت منه ان يردد عدة كلمات رددها وهو سعيد وقالت له مع السلامة.
وطلبت من فارس ان يعود الى الناصرة ...سألها فارس :شو الكلمات الليّ طلبت منه يرددها ..؟
فقالت :شعرت انو صاحبك بحبك كثير وحبيت اساعدو ينسى اللي صار وكمان اللي اخذو منك مش راح يتذكر انك اعطيته اياه ...صاحبك بستاهل كل خير.
فسأل: والفلوس هاي من وين جبتيها...؟
فقالت:من خزانتك يا حبيبي ولا نسيت ..!
فقال:واعطيتيه كل الفلوس؟
فقالت:لا يا حبيبي اعطيته شوي وخليت معاي شوي علشان نكمل احتفالنا وخليت بالخزانة شوي..
فقال فارس: الحمد لله طيب هلأ على وين..؟!
فقالت: هلأ ادخل الشارع هذا فدخله فارس ...وطلبت منه ياسمين ان يسرع اكثر ففعل وقامت بفتح الشباك والقاء الدولارات هنا وهناك حتى نفد كل ما تحمله وفارس لا يدري هل يضحك ام يبكي ولكنه ضحك لانه رآها تفعل هذا بسعادة بالغة...
وقالت له:بكره الناس لما بتفيق بتلاقيها وراح يكونو مبسوطين، وهلأ خلصنا الاحتفال ارجع على البيت ...
عاد فارس الى البيت وطوال الطريق أخذ يفكر: أي احتفال مجنون هذا ؟وصل فارس وياسمين البيت ووجدا ان كل من في البيت نيام فتوجها الى الغرفة وحدث ما حدث في الليلة السابقة وحينما استيقظ فارس في الصباح وجد امه وياسمين في المطبخ ...
وبعد ان انهى فارس فطوره قالت له ياسمين :فارس تأخرت لازم تطلع على شغلك وناولته ورقة وقالت له:يا ريت وانت مروح تجيبلنا هالاغراض هاي معك.
هز فارس رأسه واستدار باتجاه الغرفة وفتح الخزانة ليخرج منها بعض النقود ولكنه فوجيء بانه لم يجد فيها سوى مبلغ مئة دولار ..بحث هنا وهناك ولم يجد شيئا فخرج من غرفته بعد ان ابتسم الى الجماجم المصفوفة ..وخرج واستقل سيارته وزار مجموعة من الاصدقاء وقام بشراء الاغراض وعاد الى البيت واستقبلته ياسمين على الباب
وقالت له:ما رجعت للشغل ؟
فابتسم فارس فقالت صحيح انا انسيت...
فتناولا طعام الغداء وامضيا بقية النهار بالحديث عن مخططات المستقبل.
وفي صباح اليوم التالي افاق فارس مبكرا كعادته وايضا لم يجد ياسمين بجانبه وكالمعتاد توجه الى المطبخ فوجد امه وياسمين بمنتهى الانسجام يعدان معا طعام الافطار وشعر ان امه قد تعلقت بياسمين بطريقة غير عادية ولم يعتد فارس ان يرى امه سعيدة كما رآها باليومين السابقين وتساءل بينه وبين نفسه هل تعلم امه انه ينام في غرفة ياسمين ولم تهتم ام انها لا تعلم...
ففارس لا يجرؤ ان يسأل ياسمين وفي نفس الوقت لا يدري كيف يعرف ..
جلس وتناول معهما طعام الافطار وبعدها قالت ياسمين له امام
والدته:فارس ما تأخرت عن شغلك ..؟
فرد فارس ساخرا: لا اليوم انا عندي اجازة؟
فردت له ياسمين الابتسامة بابتسامة خبيثة وطلبت منه ان يجلس ويتحدث بما انه لا يعمل...
ضحك فارس وجلس مع ياسمين في برندة البيت فسألته
ياسمين :فارس امك حكتلي عن جارتكم اللي مات جوزها وعن وضعها المادي لازم انت تساعدها وبعدين الفلوس ما الها قيمة واشي ثاني مهم سيارة المرسيدس هاي انا مش حابيتها ...
اليوم ما بدي اشوفها هون يالله هلأ روح وما ترجع الا تتلاقيلها حل...
خرج فارس وهو يضحك وارضاء لياسمين توجه الى احد المعارف وقام ببيعها له باقل من ثمنها بكثير وقام باستئجار سيارة وعاد بعد الظهر الى البيت ..
استقبلته ياسمين وقالت له:رحت على الشغل اليوم!! ..وضربت يدها على رأسها وقالت:شو مالي انا صرت اتصرف زي امك..انسيت انو اليوم عندك اجازة..
فأخبرها فارس انه قام ببيع السيارة وقبض ثمنها ...ففرحت ياسمين وقبلت فارس من خلف الخمار وقال لها فارس:هاي بوسة ما بتنفع ..فضحكت ياسمين
وقالت:اصبر ما ظل كثير وهلأ علشان اكون مرتاحة روح اعطي جارتكم فلوس ..حرام عندها ثلاث بنات وظروفها مش ولا بد..فأخرج فارس من المغلف بعض النقود.
فاستدارت ياسمين الى الغرفة غاضبة ولحق بها فارس لا يعلم سر غضبها فقالت له:شو انت ما بتفهم بحكيلك جارتكم عندها ثلاثة بنات وانت بتعرف انو احنا قديش بنحب البنات وكل بنات الدنيا خواتي وانت بخلان عليهم بشوية فلوس ؟ضحك فارس وقال :حاضر يا حبيبتي اذا بدك بعطيهم كل الفلوس ...
فضحكت ياسمين وقالت بدلال: لا مش كل الفلوس شيل 0051 دولار ورجعهم لاخوك علاء ولا انت ناسي انك اخذتهم منو زمان؟ فابتسم فارس واخرج من النقود مبلغ 0051 دولار واعاد اغلاق المغلف وهم بالخروج ولكن ياسمين استوقفته وطلبت منه ان يرسل للجارة النقود بطريقة ذكية ودون ان يشعرها بانها مساعدة ...
خرج فارس واحتار بالطريقة حتى وجدها وعاد بعد ساعتين وطلبت ياسمين ان يعطي 0051 دولار لعلاء ففعل ذلك وامضيا بقية النهار ..وفي صباح اليوم التالي استيقظت ياسمين باكرا فقام وتناول طعام الافطار
وقالت له :انها تنتظره بعد العودة من العمل ليذهبا ويشتريا بقية الاغراض ...
خرج فارس من المنزل وهو يفكر بتصرفات ياسمين هذه وبما انه لم يعد معه أي مبلغ من المال فقد توجه الى البنك واستدان مبلغ ثلاثة الاف شيكل وعاد الى المنزل فاستقبلته ياسمين
وقالت: ...شو اليوم مروح من الشغل بكير كثير ...فضحك فارس وقال لها:وبعدين يا ياسمين انت انسيت ...فضحكت ياسمين وقالت له:انا بمزح معك
وخرجا معا بسيارة الاجرة الى احد الاسواق وقامت ياسمين بشراء اشياء كثيرة للبيت لم يكف المبلغ الذي يحمله فارس فاضطر الى الاستدانة من احد المحلات بناء على معرفة سابقة وعادا الى البيت في ساعات المساء ..
ومرة اكثر من عشرة ايام وياسمين لا تخرج من البيت الا اذا كانت تريد ان تشتري شيئا ضروريا للبيت وليس لها ..واحبتها ام فارس والجارات والقريبات حبا لا يوصف وكانت حكاية النذر مقنعة للجميع واعتادوا على ان لا يروا وجهها بناء على وعدها لهم بانهم سيرونها قريبا بعد ان ينفك النذر وينتهي وبعد مضي عشرين يوما من مكوث ياسمين في بيت فارس وفي صباح اليوم الحادي والعشرين افاق فارس كعادته...
وتناول طعام الافطار.. ورفضت ياسمين ان تاكل شيئا وخرج فارس كالمعتاد وهو يتسائل لماذا تصر ياسمين ان تكلمه بنفس الطريقة في كل صباح لدى خروجه ولدى عودته ولكنه ظن ان الامر يتعلق بوالدته ..
وحينما عاد فارس استقبلته ياسمين كالعادة وسألته عن عمله فاجابها نفس الجواب فضحكت وقالت له انا بمزح...فاعدت له طعام الغذاء ورفضت ياسمين تناول الغداء وكذلك الامر مع طعام العشاء امسكت ام فارس بفارس واخذته جانبا وسالته:" ما لها ياسمين من الصبح رافضة تحط بفمها اشي..؟
فاجابها فارس انه لا يوجد شيء بل على العكس كل شيء يسير كالمعتاد...وفي اليوم التالي تكرر الامر فجلس فارس مع ياسمين وسألها:شو القصة يا ياسمين انت زعلانة من اشي؟
فضحكت ياسمين وقالت: شو يا فارس باين علّي زعلانة من اشي..هو في اشي بزعل..!؟
فقال لها: طيب ليش مش عم توكلي ..
فقالت: ما في اكل في البيت شو اوكل ..!؟
فضحك فارس وقال:اذا الاكل مش عاجبك انا حطلع واجيبلك كل انواع الاكل...؟
فضحكت ياسمين وخرج فارس وقام باحضار انواع كثيرة من الطعام ..وبالرغم من كل هذا رفضت ياسمين ان تأكل شيئا..جن جنون ام فارس وصرخت في فارس :بدك هلأ تحكيلي شو فيه ..البنت صارلها يومين مش عم توكل..
احتار فارس واقنع ياسمين ان يخرجا معا فخرجا في المساء ..توقف فارس بجانب احد المطاعم وجلسا هناك وياسمين تضحك سعيدة كعادتها ..طلب فارس الطعام ورفضت ياسمين ان تؤكل شيء فلم يأكل فارس وعاد الى السيارة وقال لياسمين: شو الموضوع انت ما كنت هيك شو صارلك..؟
فضحكت ياسمين وقالت: ولا شيء يا حبيبي انا قررت اني مش راح اوكل شيء الا اذا انت جبتوا...
فأستغرب فارس وقال: انا جبت اشياء كثيرة بس مش عاجبتك..ممكن تحكيلي اشي واحد عاجبك وانا هلأ بروح اجيبوا..
فقالت:أي اشي بتقدر تجيبوا انا حيكفيني ..
لم يفهم فارس ..ماذا تقصد ياسمين وشعر انها تعمل على استفزازه وقال: ياسمين شو القصة انت بدك ترجعي تجننيني زي اول..
فقالت ساخرة:لا يا حبيبي سلامتك من الجنون انا ما بدي اشي كثير بس بدي اعيش مثل كل البنات بدي اشعر انو جوزي مسؤول عني وكمان بدي اشعر انو الأكل الي راح اوكلوا ..
جوزي بيجيبو مش امه ولا اخوه ومش راح يستقرض من حدا فلوس علشان يعزمني على مطعم..
انا يا حبيبي ما بدي مطاعم انا لو بدي مطاعم بشتري كل مطاعم البلد وانت بتعرف مليح وكمان انا مليت واحنا كل يوم بنحكي عن القصور والسيارات والخدم وانت يا حبيبي مش عم تقدر تجيب اكل للبيت ..
لما تبطل تحلم بصناديق الذهب والكنوز وتفكر كيف راح تشتغل علشان تقدر تعيش ..ولحد ما تصير تفهم بحب اقولك انا لو بموت من الجوع مش راح اوكل شيء انت مش قادر تجيبوا..
ذهل فارس من طريقة تفكير ياسمين وشعر ان كل احلامه قد انهارت في لحظات ولم يفهم لماذا تتصرف ياسمين هكذا ..ولماذا دفعته ليصرف كل ما يملك ويستدين..
وسألها :لماذا يا ياسمين ؟ فقالت له:لاني بدي انسان يحبني واحبوا وبحبوا الحقيقي حطلع من العتمة للنور وما بدي لا قصور ولا خدام فقال بهدوء :بس يا حبيبتي المنطق بحكي اذا كانت الفلوس موجودة وكثيرة ، بنقدر نستغلها وممكن نعمل فيها اشياء كثيرة .
فقالت ياسمين: الفلوس ما الها قيمة عندي واللي عاش حياة مثل حياتنا بعرف معنى كلامي والاحلام والسعادة عمرها ما بتنشرى ..
والقرار هلأ بايدك ويا الله رجعني على البيت عاد فارس وياسمين الى البيت وكلما حاول ان يقنعها ان تأكل تصدت له ومنعته من الحديث في هذا الموضوع وفي اليوم التالي وجد فارس نفسه في ورطة كبيرة فهو يعرف انه اذ لم يعمل بسرعة فلن تأكل ياسمين وهي عنيده ولن تتراجع..
فخرج من البيت وعاد بعد ساعات الظهر سعيدا ...استقبلته ياسمين كعادتها وسألته فأخبرها انه استطاع عقد صفقة تجارية صغيرة حصل منها على بعض النقود واحضر معه الطعام ...
فرحت ياسمين وقال لها فارس :والان سنتاول الطعام معا ..اعدت ياسمين الطعام وجلس وبدأ بتناوله وياسمين جالسة تبتسم ولا تأكل...
توقف فارس عن الاكل وسألها :شو القصة فابتسمت وقالت له :كل يا حبيبي بالهنا والشفا ..علم فارس انه لن يستطيع خداع ياسمين وشعر بتأنيب الضمير فترك الطعام وخرج من البيت واصر ان يعمل بأي شيء هذه الليلة حتى يحضر الطعام..
وحالفه الحظ ووجد عملا لعدة ساعات مقابل مبلغ صغير ولم يكن يتخيل فارس نفسه انه سيقوم بمثل هذه العمل ...وبعد منتصف الليل عاد ومعه الطعام فأكل هو وياسمين وفي اليوم التالي فعل الشيء نفسه واخذ فارس يصارع الوقت ويسابقه فهو مجبور على توفير الطعام لعدة ايام بأي ثمن والطريقة الوحيدة التي ترضى بها ياسمين هي من خلال عمله وفي نفس الوقت يحاول ان يكسب الوقت للعودة لعمله القديم المريح في عقد الصفقات التجارية التي تحتاج الى وقت لتثمر ثمارها ..
وهكذا اخذ فارس يعمل بالليل وبالنهار يبذل جهده للعودة الى عمله السابق وايجاد طريقة للخروج من ديونه التي بدأت تلاحقه حتى وصلت البيت...
وصل فارس الى درجة من الارهاق لم يعهده من قبل وكانت ياسمين تترقبه وهو عائد الى البيت لا يقوى على الحراك وتلح عليه ان يحدثها عن عمله وتضحك احيانا بصوت عالي وخاصة حينما يحدثها فارس بانه عمل في احد الاعمال التي لا تتناسب مع شخصيته وهكذا استمرت ياسمين توقظ فارس في الصباح الباكر وفارس مجبرا وليس مخيرا في الذهاب الى العمل ويتنقل فارس من عمل الى اخر وكلما كاد ينجح في عقد صفقة ما..تعب عليها لعدة ايام حتى تغنيه عن الاعمال الجسدية في المطاعم وغيرها ليتقاضى اجرا يوميا وجد ان الصفقة فشلت وضاع الامل.
في احد المطاعم بالجليل حيث عمل فارس لثلاثة ايام الاخيرة وفي ساعة متأخرة من الليل لمح فارس على احدى الطاولات في زاوية المطعم امرأة ترتدي العباءة والخمار خفق قلب فارس وارتبك وهو يقترب منها ليتأكد ان كانت هذه ياسمين ام واحدة اخرى.. ومن الطريقة التي تمسك بها السيجارة ادرك فارس انها ياسمين فلا يمكن لواحدة اخرى ترتدي هذه الملابس ان تحضر الى هذا المكان في الليل لوحدها اقترب من الطاولة وحرص على ان لا يثير الاهتمام
وقال :ياسمين شو بتسوي هون انت انجنيتي..؟
فقالت بلهجة الامر: اذا سمحت كاس ويسكي مع ثلج.
فقال لها: ياسمين بس مزح..
فقالت: بتحب اطلب من جرسون ثاني..؟!
وتجنبا للأحراج ذهب فارس واحضر كأس الويسكي وهو يعلم انه اذا لم يفعل ذلك فلن تهتم ياسمين ان طلبت ذلك من أي شخص اخر..وضع فارس كأس الويسكي امامها
وقال:لا تقول لي انك حتشربيه ..فأمسكت ياسمين الكأس بيدها وشربته على دفعة واحدة وقالت:انت مش احسن مني يا حبيبي ..
واخذ فارس يلتفت حوله ورأى ان كل من في المطعم ينظر بأتجاه ياسمين
فقال لها: شايفة الناس كيف بتطلع..
فوقفت ياسمين وقالت له: طيب بلاش احرجك اكثر من هيك امشي نطلع من هون ..
خرج فارس معها دون ان يستأذن احد وسارا لعدة امتار ...
وقالت له ياسمين: تعال اوصلك بسيارتي الحلوة...فوجيء فارس حينما رأى ياسمين تستقل سيارة المرسيدس التي باعها قبل مدة...وركب بجانبها واخذت ياسمين تقود السيارة كعادتها..وطلب منها فارس ان تتمهل..
فقالت له: سيارتي وانا حرة كيف اسوقها .
.
فابتسم فارس وقال: بس انت قبل مدة كنت متشائمة منها..!
فقالت:مش صحيح انا كنت مش مرتاحة لوجودها ومش معقول اتشائم منها....وفيها كان اول لقاء بيني وبينك ولا انسيت انك وصلتني فيها على كفركنا.
فقال فارس:ولو كيف ممكن انا انسى بس ممكن اعرف كيف حضرتك رجعتيها..
فقالت: بسيطة كثير اعرفت المعرض الي انت بعتها فيه بتراب الفلوس واتصلت فيه وشتريتها منو من جديد.
فقال فارس مستاءا:طيب ليش هاللفة والدورة يا ياسمين ..ماكان من الاول ممكن تخلي السيارة وما تخليني ابيعها.
فقالت:انا ما قلتلك تبيعها انت بعتها لوحدك ..
فقال :طب ممكن افهم ليش جايتني بهاليل ...!!
فقالت: اشتقتلك كثير وحبيت اجي اشوفك...وبعدين اجيت اذكرك انو ماظل الا عشرة ايام على موعد زواجنا وحضرتك بتطلع من الصبح وبترجعلي بنصف الليل تعبان وقبل ما احكي معك بتكون نايم ايش اعمل انا قررت اني اجيك على شغلك علشان اذكرك ..
فقال: طيب ممكن حضرتك تحكيلي شو اعمل علشان اعمله..
فقالت: معك حق انا انسيت انو لازم احكيلك احنا بدنا نتجوز بعد عشرة ايام وانا الي لازم احكيلك شو تسوي..انت حتصير جوزي بقى الامر بأيدك مش بأيدي الا اذا بتحب تتجوز على طريقتي انا ..ما عندي مشكلة.
فقال فارس: مش مشكلة من هان لعشرة ايام بصير خير .
فقالت ياسمين:طيب بنشوف بس جيت اطمئن انك دبرت حالك علشان مصاريف العرس والبدلة والحفلة ..
ما انت عارف هاي اشياء بتكلف ولا يا حبيبي مركن على امك تجوزك.
استفز فارس واخذ يضحك ضحكة قهر وهو ينظر الى ياسمين وهو يعلم ان ياسمين ان قالت كلمة لن تتنازل عنها وان كانت تنوي على ما قالته حول الحفل فهذه ستكون نهايته
وقال:يا ياسمين يا حبيبتي انت بتستمتعي في اللي بتعمليه في...ّ يا روحي ..انا بني ادم ممكن اعمل بس الي بقدر عليه حضرتك بدك اياني اشتغل أي شغل وان انا ما اشتغلت ما بترضي توكلي ...
وانت اكثر وحده في الدنيا بتعرفي اني على الحديدة وبدك خلال عشرة ايام اشتغل واجيب فلوس واعمل حفلة
وعرس يا حبيبتي ما انت عارفه البير وغطاه وبعدين حفلة شو هاي الي بتحكي عليها وانت ما بدك حد يشوف وجهك وبدله عرس كمان ..ممكن افهم انت بتخططي لشو وشو رايك تحكيلي من الاخر علشان انا متأكد انو الي بدك اياه انت هو الي راح يمشي والله يخليك لا تفكري انك توقفي السيارة بنص الشارع.
فقالت ياسمين :اول شيء صحيح انا كنت مفكره اوقف السيارة بنص الشارع لانو كلامك استفزني بس علشان طلبت مش راح اوقفها..وبعدين ممكن افهم انا شو حكيت اشي غلط وكيف حضرتك مفكر تتجوزني.
فقال فارس بهدوء خشية ان تغضب ياسمين:انا يا حبيبتي كيف بدك انت ..انا جاهز.. بدك حفلة حاضر..بدك بدلة عرس جاهز ..انا ما عندي مشكلة..بس علشان الوضع وشروط العجوز انو ما حد يشوف وجهك فكرت انو ممكن تعملي حفلة صغيرة في البيت.
فاحتدت ياسمين وقالت: شو يا فارس وليش هالغلبة ممكن تعمل مثل ما عمل سيدك سالم الدهري وتكتب ورقة والسلام...ما انا من بنات جورجيت.. كمان والورقة كثيرة عليّ خليني جارية عندك احسن.
فقال فارس: كلامك مش صحيح يا ياسمين انت احسن من كل بنات الدنيا وايش بدك انا جاهز .
فقالت: بعرف انه انا احسن من كل بنات الدنيا ...انا بدي مثل ما بتتمناه أي بنت لنفسها...
بدي حفلة كبيرة يحضروها ناس كثير وبدي اغلى واجمل فستان فرح وبدي كل شيء ممكن تحلم فيه أي عروس يوم فرحها...وكمان يا حبيبي الأهم من كل هذا حنتجوز مرتين مرة على طريقتك ومرة على طريقتي...
فقال فارس:مش فاهم بس بفكر انو تجوزنا على طريقتك في المقبرة.
فقالت: يا حبيبي خلي المقابر لاهل المقابر...هلأ احنا برا المقابر حتجوزك على طريقتك وحتجوزني على طريقتي ولا تنسى اني من بنات جورجيت ..
شعر فارس ان الامور تتأزم وهو يعرف انه لا يملك أي خيار فالأمور يجب ان تسير كما خططت لها ياسمين ولن تتنازل ياسمين عن شيء وقال لها:ياسمين اكيد انت فكرت وخططت وعارفه شو راح يصير...
.فقالت:ببساطة في بيتنا عنا كثير كثير منها لو بدنا نعدهم ما بنقدر..
.بس امي دايما كانت تقول الي ولاختي انو ممكن ييجي يوم ونستفيد من هذه الاشياء ..وما عمرنا استخدمنا الا القطع الذهبية الصغيرة..
كنا لما نطلع من القبور انا او اختي ونصدف حد نشعر انو مليح كنا نعطيه قطعة او ثنتين.
فسأل فارس بطريقة لا شعورية: هو كم قطعة عندكم منها..؟!
فقالت:صناديق كثيرة ما عمرنا فكرنا نعدها...
فقال فارس لياسمين: انت عندك فكرة انك بتحكي عن ثروة ضخمة ؟
فقالت :بنعرف من زمان وانا قلتلك انو عندنا ذهب بشتري كل بلدكم ...بس بالنسبة النا كل هذا ما الو قيمة عندنا وما يلزمنا ولا عمرو ما راح يلزمنا.
فسأل فارس: طيب امك والعجوز ما عارضو لما انت طلعت الاغراض هاي من المقابر من بيتكم من محل ما جبتيها..؟
فقالت ياسمين:لأ ليش يعارضوا هاي اشياء ما الها قيمة واذا كانت ممكن تفيدني بره القبور ليش ما استخدمها؟
واخذت ياسمين تتحدث مع فارس وتقوم بتعليق وترتيب الاغراض التي احضرتها معها في الغرفة فتضع جمجمة هنا وجمجمة هناك وتصف الشموع والبخور وبعض القطع الفريدة التي ملأت بها الغرفة وغيرت شكلها ووضعت على نوافذ الغرفة ستائر قماشية حتى لا يتسلل النور اليها وفارس تارة يبتسم وتارة يحك رأسه وهو يراقب ياسمين وما تفعله ولم يكن ليتخيل نفسه انه سيستطيع ان يقضي ليلة واحدة في وسط هذا الجو الغريب الذي صنعته ياسمين ودعا الله ان لا تقرر ياسمين تحويل البيت كله بهذه الطريقة وتكتفي فقط بغرفته وتمنى لو انه يستطيع ان يقنع ياسمين بأخفاء الجماجم الصغيرة عن الانظار حتى لا يراها احد وبالأخص امه.
فقال لها محاولا ان لا يظهر اهتمامه بوجودها: بتعرفي يا ياسمين كل اشي في الغرفة هاي صار حلوبس الجماجم مش جاي في محلها ما بعرف يمكن انت شايفتيها حلوة بس شو رايك لو خبيناها في الخزانة؟
ضحكت ياسمين وقالت:انا عارف انك مش مرتاح لوجودها اول اشي انا قلتلك من زمان اذا بتذكر هاي مش جماجم هاي حجار وانا بتفاءل فيها وعلى فكرة هاي اغلى اشي عندي وهاي الوحيدة اللي الها قيمة عندي ليش انت مفكر انها جماجم؟
فقال فارس:علشان هي جماجم شكلها جماجم لونها جماجم بدك اسميها حجار وهي جماجم ؟
امسكت ياسمين بيدها احدى الجماجم وقالت : اتطلع عليها مليح عمرك شفت جمجمة بهالحجم؟
فقال فارس:ممكن تكون جمجمة لواحد راسو صغير كثير او لطفل...فقالت: شكلك مش راح تقتنع انا ما بكذب عليك هاي مش جماجم ولو كانت جماجم كنت حكيتلك واعادت ياسمين الجمجمة الى مكانها واخذت ترتب ملابسها في الخزانة وفارس يراقب لعله يرى شيئا لونه غير أسود ولكنه يفاجأ بأن ياسمين تقوم بأخراج عشرات العباءات والكفوف والخمارات ذات اللون الاسود ..
.وتضع كل واحد في مكانه حيث يستحيل التمييز بين الواحد والآخر
.
فيقول لها:ممكن تشرحي لي شو الفرق بين العبايا هاي والعبايا هاي؟
تضحك ياسمين وتقول: الفرق كثير كثير...هاي عباية للمناسبات وهاي للبيت وهاي للنوم وكل واحدة الها استعمالها الخاص.
فقال فارس: بس انا مش شايف أي فرق بين الوحدة والثانية.
فقالت: ممكن انت ما بتقدر تميز بس كل وحده مصنوعة من قماش مميز وعلى فكرة الفرق بين الوحده والثانية كثير كثير.
سمع فارس صوتا خارج الغرفة يناديه فخرج فوجد امه ترمقه بنظرات غريبة وقالت لهتفضل انت وشيختك تعالو كلو..)
نادى فارس ياسمين وتوجها الى مائدة الطعام وتناولا الطعام ولاحظ فارس ان ياسمين تأكل فقط من باب المجاملة لوالدته وبعد الانتهاء قامت ياسمين بحركة مفاجئة واعدت القهوة بسرعة وعادت بها..
.وكان الجو وديا قليلا بين ام فارس وياسمين فسألتها ام فارس: (من وين انت يا بنتي...ما بدك تحكي لي من وين اصلك ومين اهلك..؟!)
صمتت ياسمين قليلا وقالت بهدوء :انا يا خالتي اصلي من الشام ابوي مات وانا صغيرة وتنقلنا في اكثر من بلاد وقبل أكم سنة اجينا على فلسطين وبعد ما مات ابوي امي نذرت اني انا واختي نلبس هيك لحد ما الوحدة منا تتجوز وتخلف واحنا بنحب امنا كثير وعلشان هيك عنا استعداد نموت وما نخالف نذرها وهذا السبب اللي بخلينا نلبس هيك.
فقالت ام فارس لياسمين ولكن هذه المرة بلهجة حنونة: بس يا بنتي هذا اشي مبالغ فيه ومش معقول بتقدري تحطي على راسك منديل وبكفي بس انت مغطية اصابعك وعينيكي قدام الرجال والنسوان كيف بتقدري تعيشي هيك..؟!
تنهدت ياسمين وقالت: النذر نذر يا خاله ولو بأيدي ما لبست هيك..
شعر فارس براحة للتقارب الذي حدث بين والدته وياسمين وان ياسمين قادرة على الاجابة على كل سؤال تسأله امه بطريقة ذكية ومقنعة تلائم الواقع ودون استخدامها للكذب حتى ان الحوار استمر بين الاثنتين لساعات دون ان تشعر الواحدة بملل او هذا ما خيل لفارس الذي كان يخرج ويعود ويجدهما في نفس الحديث...وما فاجأ فارس ان الحديث بين امه وياسمين لم يقتصر حول شخصية ياسمين الغامضة بل امتد الى امور شتى بدءا من البيت ووصولا للجيران.
مرت الساعات وحل الليل وكل شيء يسير على ما يرام واكثر من المتوقع ولكن فارس يعلم ما سيحدث لو ان امه عرفت انه سينام في نفس الغرفة مع ياسمين او لو ان امه دخلت الى الغرفة ورأت الاجواء الغريبة التي صنعتها ياسمين من جماجم وشموع...واخذ فارس يدعو الله ان يصيب امه النعاس لتذهب الى النوم ولكن هذا لم يحدث الا بعد منتصف الليل حيث توجهت امه لتنام بعد ان سألت ياسمين ان كان ينقصها شيء وبعد ان اخبرت فارس بأنها اعدت له الفراش بغرفة اخيه علاء..
اخذ فارس يفكر باللحظات القادمة كيف ستنام ياسمين ...وهل ستبقى كما هي مرتدية الخمار والعباء التي تخفي حتى تقسيمة جسدها..وماذا سيفكر علاء وهو سيعلم حتما ان فارس امضى الليلة في غرفة ياسمين..
.لم يعد هناك وقت للتفكير فقد اشارت ياسمين لفارس بأن يذهب معها الى الغرفة ...وحينما دخلا اغلقت ياسمين باب الغرفة...وقالت لفارس انا ما بتفرق عندي اسهر للصبح بس الك انت مش مليح وهلأ لازم تنام.
واخذت ياسمين تشعل الشموع وعدة اعواد من البخور وفارس يقف مكانه لا يعلم ماذا يفعل ...
وكانه ينتظر اوامرها...التفتت ياسمين اليه وقالت مستغربة...:شو بدك تظل واقف غير اواعيك ونام .
استجاب فارس لطلبها مرتبكا قليلا وهو يخرج بجامته من الخزانة ليرتديها امامها ..ومن ثم يتوجه الى السرير لتبقى عيناه مفتوحتين تراقبان ما تفعله ياسمين.
اخرجت ياسمين احدى العباءات وخمارا ...فوجد فارس بانها فرصة ليتلصص بعيونه لعله يرى شيئا غير السواد..ولكن ياسمين خيبت ظنه وقالت لفارس: يا حبيبي ممكن تدير ظهرك علشان اعرف البس...!
ادار فارس ظهره وما هي الا ثوان حتى استلقت ياسمين بجانبه وطلبت منه ان يحتضنها ...طوقها فارس بذراعيه وهو مرتبك ..وقالت له ياسمين: وهلأ تصبح على خير ونام.
بقي فارس محتضنا ياسمين وعشرات الصور تدور في رأسه وتشده اليها لتدفعه احيانا ليحضنها بقوة واحيانا برقة ويفكر للحظات ان يمد يده ليرفع القماش الاسود الذي يلفها بالكامل ولكن خوفه من غضبها يجعله يتردد ويحاول النوم وطرد الصور الكثيرة ولكنه لا يستطيع..فيفكر بالخروج من الغرفة او الابتعاد عنها قليلا ولكنه يخاف ان تحرك ان يوقظها ..
.يتمنى لو يستطيع حتى ان يقبلها ولو قبلة صغيرة او ان يده تلمس جزءا من جسدها دون ذلك الساتر الاسود ...
ولكن هيهات فالقماش الاسود لا يترك له ثغرة حتى ولو بالصدفة..
يفتح فارس عينيه ولا يدري كيف غفا ونام..ولكنه لا يجد ياسمين بجانبه ويجول بعينيه في انحاء الغرفة ولا يراها يخرج من غرفته المعتمة فيرى الشمس قد تسللت الى البيت منذ وقت ...ويتوجه الى المطبخ ليرى ياسمين تشرب القهوة وتضحك مع والدته وبنظرة خاطفة يعرف ان الساعة التاسعة صباحا..
.يغسل وجهه ويبدل ملابسه ويتساءل ان كانت امه قد عرفت اين قضى ليلته في غرفة علاء ام مع ياسمين..ويعود الى المطبخ من جديد فتضع له ياسمين طعام الافطار وتقول له: بانها افطرت مع والدته قبل ساعات ولم تحب ان توقظه ..ينظر فارس الى عيني امه لعله يعرف ان كانت قد عرفت ام لا فالساعة التاسعة ولا بد ان امه كعادتها كل صباح تتجول في كل الغرف ...
بعدها لا يدري فارس ماذا يفعل او الى اين يذهب فهو ينتظر اوامر ياسمين..فتفاجئه ياسمين وتقول له:بفكر انو هلأ لازم ترجع لشغلك ولا بدك تظل قاعد في البيت ؟يخرج فارس من البيت ويجدها فرصة للتوجه الى نابلس لرؤية صديقه الذي يدين له بالكثير ..ويصل فارس الى نابلس ويجد صديقه ويشكره ويعتذر منه عن اليوم السابق ويرجوه فارس بأن يبقي الامر وما حدث في المقبرة سرا وان يحاول ان يختلق أية قصة لهؤلاء الجبناء الذين هربوا حتى لا تتحول حكاية المقبرة الى قصة في البلاد..
فطمأنه صديقه وقال له بأنه قد فعل ذلك وقد اخبرهم بأن ما حدث في المقبرة ما هو الا محاولة لسرقة قبور والمقنعات اللواتي رأونهم وخافوا منهن ما هن الا اشخاص تخفوا حتى لا يعرف بأمرهم احد ولكن بالرغم من كل ذلك لم يكن صديق فارس ليقتنع رغم انه اختصر عشرات الاسئلة بان ما رآه ليس من الجن والعفاريت.
عاد فارس في ساعات المساء الى البيت ووجد ياسمين بانتظاره فسألته: الى اين ذهب فأخبرها.
وسألته:متى سيعود الى عمله ..فقال لها :انه لم يعد لديه عمل يقوم به..
فقالت له:امك حكتلي انك بطلت تشتغل وايام كثيرة ما بتنام في الدار ...فضحك فارس وقال :بس انت عارفه شو السبب .
فقالت:طيب هلأ لازم ترجع على الشغل علشان نبدي نفكر بمستقبلنا.
ضحك فارس لحديث ياسمين فكل الذهب والثروة التي تملكها هذه المخلوقة وتطلب منه العمل من اجل المستقبل؟
وقال: شو ممكن اشتغل ..شغلي سنة بساوي قطعة ذهبية صغيرة من اللي عندك يا ياسمين ...
هزت ياسمين رأسها وقالت:بتعرف يا فارس شو خطر ببالي ؟انا عندي صناديق ذهب كثيرة واشياء بتتصورهاش ممكن تشتريلك البلد واللي فيها...هذا اللي بملكو انا واختي وامي بس كمان بعرف عن اشياء تحت الارض مخك مش راح يتصورها ..بالك ايش ممكن نعمل فيها؟
فقال فارس:اشياء كثيرة يا ياسمين ممكن نعيش مثل الملوك واكثر كمان.
واخذ فارس يشرح لياسمين ما يمكن فعله وياسمين تهز رأسها وتصغي لفارس بأهتمام كثير ..
.مرت اكثر من ساعتين وفارس يشرح وياسمين مهتمة بكل كلمة يقولها بدون مقاطعة او ملل بل احيانا كانت تعطيه افكارا مثل شكل القصر وموقعه ونوع الحديقة وعدد الخدم والطباخين...الخ.
وقفت ياسمين وبفرحة قالت:فارس لازم الليلة نحتفل امشي نطلع وانا ححكي لامك انو راح نتأخر ...
خرجت ياسمين وفارس واستقلا السيارة وسارا في الطريق وطلبت ياسمين من فارس ان يتوجه الى نابلس ...فقال فارس :ياسمين لا تحكيلي انو رايحة على مقابر ..؟!
ف
قالت له: ابدا يا حبيبي انا حكيتلك حنحتفل بمناسبة مستقبلنا السعيد.
حاول فارس ان يثنيها عن الذهاب الى نابلس متحججا بتأخر الوقت ولكنها أصرت على ذلك وحينما وصلا الى نابلس طلبت منه ان يتوجه الى صديقه الذي شهد على زفافهما...
استغرب فارس الامر وعارضه بشدة محاولا ان يستوضح منها عن السبب ..
فقالت له :انها تريد ان تكافئه ...فقال فارس انه فعل ذلك واعطاه الكثير من النقود ..
.فقالت :انها هي ايضا تود ان تقوم بذلك بنفسها ...وامام اصرار ياسمين توجه فارس وبحث عن صديقه حتى وجده وطلب منه ان يصعد الى السيارة وما ان رأى صديقه ياسمين تجلس بجانبه حتى تجهم وجهه وخاف وتردد في الصعود الى السيارة ....
في باديء الامر ومن ثم ركب في الكرسي الخلفي يتحدث بسره:>باين هالليلة سودا من اولها"...ولكن ياسمين اخرجت من تحت عباءتها مجموعة من الدولارات والشواقل وقالت له:هاي هدية صغيرة من اخوك فارس ..وطلبت منه ان يردد عدة كلمات رددها وهو سعيد وقالت له مع السلامة.
وطلبت من فارس ان يعود الى الناصرة ...سألها فارس :شو الكلمات الليّ طلبت منه يرددها ..؟
فقالت :شعرت انو صاحبك بحبك كثير وحبيت اساعدو ينسى اللي صار وكمان اللي اخذو منك مش راح يتذكر انك اعطيته اياه ...صاحبك بستاهل كل خير.
فسأل: والفلوس هاي من وين جبتيها...؟
فقالت:من خزانتك يا حبيبي ولا نسيت ..!
فقال:واعطيتيه كل الفلوس؟
فقالت:لا يا حبيبي اعطيته شوي وخليت معاي شوي علشان نكمل احتفالنا وخليت بالخزانة شوي..
فقال فارس: الحمد لله طيب هلأ على وين..؟!
فقالت: هلأ ادخل الشارع هذا فدخله فارس ...وطلبت منه ياسمين ان يسرع اكثر ففعل وقامت بفتح الشباك والقاء الدولارات هنا وهناك حتى نفد كل ما تحمله وفارس لا يدري هل يضحك ام يبكي ولكنه ضحك لانه رآها تفعل هذا بسعادة بالغة...
وقالت له:بكره الناس لما بتفيق بتلاقيها وراح يكونو مبسوطين، وهلأ خلصنا الاحتفال ارجع على البيت ...
عاد فارس الى البيت وطوال الطريق أخذ يفكر: أي احتفال مجنون هذا ؟وصل فارس وياسمين البيت ووجدا ان كل من في البيت نيام فتوجها الى الغرفة وحدث ما حدث في الليلة السابقة وحينما استيقظ فارس في الصباح وجد امه وياسمين في المطبخ ...
وبعد ان انهى فارس فطوره قالت له ياسمين :فارس تأخرت لازم تطلع على شغلك وناولته ورقة وقالت له:يا ريت وانت مروح تجيبلنا هالاغراض هاي معك.
هز فارس رأسه واستدار باتجاه الغرفة وفتح الخزانة ليخرج منها بعض النقود ولكنه فوجيء بانه لم يجد فيها سوى مبلغ مئة دولار ..بحث هنا وهناك ولم يجد شيئا فخرج من غرفته بعد ان ابتسم الى الجماجم المصفوفة ..وخرج واستقل سيارته وزار مجموعة من الاصدقاء وقام بشراء الاغراض وعاد الى البيت واستقبلته ياسمين على الباب
وقالت له:ما رجعت للشغل ؟
فابتسم فارس فقالت صحيح انا انسيت...
فتناولا طعام الغداء وامضيا بقية النهار بالحديث عن مخططات المستقبل.
وفي صباح اليوم التالي افاق فارس مبكرا كعادته وايضا لم يجد ياسمين بجانبه وكالمعتاد توجه الى المطبخ فوجد امه وياسمين بمنتهى الانسجام يعدان معا طعام الافطار وشعر ان امه قد تعلقت بياسمين بطريقة غير عادية ولم يعتد فارس ان يرى امه سعيدة كما رآها باليومين السابقين وتساءل بينه وبين نفسه هل تعلم امه انه ينام في غرفة ياسمين ولم تهتم ام انها لا تعلم...
ففارس لا يجرؤ ان يسأل ياسمين وفي نفس الوقت لا يدري كيف يعرف ..
جلس وتناول معهما طعام الافطار وبعدها قالت ياسمين له امام
والدته:فارس ما تأخرت عن شغلك ..؟
فرد فارس ساخرا: لا اليوم انا عندي اجازة؟
فردت له ياسمين الابتسامة بابتسامة خبيثة وطلبت منه ان يجلس ويتحدث بما انه لا يعمل...
ضحك فارس وجلس مع ياسمين في برندة البيت فسألته
ياسمين :فارس امك حكتلي عن جارتكم اللي مات جوزها وعن وضعها المادي لازم انت تساعدها وبعدين الفلوس ما الها قيمة واشي ثاني مهم سيارة المرسيدس هاي انا مش حابيتها ...
اليوم ما بدي اشوفها هون يالله هلأ روح وما ترجع الا تتلاقيلها حل...
خرج فارس وهو يضحك وارضاء لياسمين توجه الى احد المعارف وقام ببيعها له باقل من ثمنها بكثير وقام باستئجار سيارة وعاد بعد الظهر الى البيت ..
استقبلته ياسمين وقالت له:رحت على الشغل اليوم!! ..وضربت يدها على رأسها وقالت:شو مالي انا صرت اتصرف زي امك..انسيت انو اليوم عندك اجازة..
فأخبرها فارس انه قام ببيع السيارة وقبض ثمنها ...ففرحت ياسمين وقبلت فارس من خلف الخمار وقال لها فارس:هاي بوسة ما بتنفع ..فضحكت ياسمين
وقالت:اصبر ما ظل كثير وهلأ علشان اكون مرتاحة روح اعطي جارتكم فلوس ..حرام عندها ثلاث بنات وظروفها مش ولا بد..فأخرج فارس من المغلف بعض النقود.
فاستدارت ياسمين الى الغرفة غاضبة ولحق بها فارس لا يعلم سر غضبها فقالت له:شو انت ما بتفهم بحكيلك جارتكم عندها ثلاثة بنات وانت بتعرف انو احنا قديش بنحب البنات وكل بنات الدنيا خواتي وانت بخلان عليهم بشوية فلوس ؟ضحك فارس وقال :حاضر يا حبيبتي اذا بدك بعطيهم كل الفلوس ...
فضحكت ياسمين وقالت بدلال: لا مش كل الفلوس شيل 0051 دولار ورجعهم لاخوك علاء ولا انت ناسي انك اخذتهم منو زمان؟ فابتسم فارس واخرج من النقود مبلغ 0051 دولار واعاد اغلاق المغلف وهم بالخروج ولكن ياسمين استوقفته وطلبت منه ان يرسل للجارة النقود بطريقة ذكية ودون ان يشعرها بانها مساعدة ...
خرج فارس واحتار بالطريقة حتى وجدها وعاد بعد ساعتين وطلبت ياسمين ان يعطي 0051 دولار لعلاء ففعل ذلك وامضيا بقية النهار ..وفي صباح اليوم التالي استيقظت ياسمين باكرا فقام وتناول طعام الافطار
وقالت له :انها تنتظره بعد العودة من العمل ليذهبا ويشتريا بقية الاغراض ...
خرج فارس من المنزل وهو يفكر بتصرفات ياسمين هذه وبما انه لم يعد معه أي مبلغ من المال فقد توجه الى البنك واستدان مبلغ ثلاثة الاف شيكل وعاد الى المنزل فاستقبلته ياسمين
وقالت: ...شو اليوم مروح من الشغل بكير كثير ...فضحك فارس وقال لها:وبعدين يا ياسمين انت انسيت ...فضحكت ياسمين وقالت له:انا بمزح معك
وخرجا معا بسيارة الاجرة الى احد الاسواق وقامت ياسمين بشراء اشياء كثيرة للبيت لم يكف المبلغ الذي يحمله فارس فاضطر الى الاستدانة من احد المحلات بناء على معرفة سابقة وعادا الى البيت في ساعات المساء ..
ومرة اكثر من عشرة ايام وياسمين لا تخرج من البيت الا اذا كانت تريد ان تشتري شيئا ضروريا للبيت وليس لها ..واحبتها ام فارس والجارات والقريبات حبا لا يوصف وكانت حكاية النذر مقنعة للجميع واعتادوا على ان لا يروا وجهها بناء على وعدها لهم بانهم سيرونها قريبا بعد ان ينفك النذر وينتهي وبعد مضي عشرين يوما من مكوث ياسمين في بيت فارس وفي صباح اليوم الحادي والعشرين افاق فارس كعادته...
وتناول طعام الافطار.. ورفضت ياسمين ان تاكل شيئا وخرج فارس كالمعتاد وهو يتسائل لماذا تصر ياسمين ان تكلمه بنفس الطريقة في كل صباح لدى خروجه ولدى عودته ولكنه ظن ان الامر يتعلق بوالدته ..
وحينما عاد فارس استقبلته ياسمين كالعادة وسألته عن عمله فاجابها نفس الجواب فضحكت وقالت له انا بمزح...فاعدت له طعام الغذاء ورفضت ياسمين تناول الغداء وكذلك الامر مع طعام العشاء امسكت ام فارس بفارس واخذته جانبا وسالته:" ما لها ياسمين من الصبح رافضة تحط بفمها اشي..؟
فاجابها فارس انه لا يوجد شيء بل على العكس كل شيء يسير كالمعتاد...وفي اليوم التالي تكرر الامر فجلس فارس مع ياسمين وسألها:شو القصة يا ياسمين انت زعلانة من اشي؟
فضحكت ياسمين وقالت: شو يا فارس باين علّي زعلانة من اشي..هو في اشي بزعل..!؟
فقال لها: طيب ليش مش عم توكلي ..
فقالت: ما في اكل في البيت شو اوكل ..!؟
فضحك فارس وقال:اذا الاكل مش عاجبك انا حطلع واجيبلك كل انواع الاكل...؟
فضحكت ياسمين وخرج فارس وقام باحضار انواع كثيرة من الطعام ..وبالرغم من كل هذا رفضت ياسمين ان تأكل شيئا..جن جنون ام فارس وصرخت في فارس :بدك هلأ تحكيلي شو فيه ..البنت صارلها يومين مش عم توكل..
احتار فارس واقنع ياسمين ان يخرجا معا فخرجا في المساء ..توقف فارس بجانب احد المطاعم وجلسا هناك وياسمين تضحك سعيدة كعادتها ..طلب فارس الطعام ورفضت ياسمين ان تؤكل شيء فلم يأكل فارس وعاد الى السيارة وقال لياسمين: شو الموضوع انت ما كنت هيك شو صارلك..؟
فضحكت ياسمين وقالت: ولا شيء يا حبيبي انا قررت اني مش راح اوكل شيء الا اذا انت جبتوا...
فأستغرب فارس وقال: انا جبت اشياء كثيرة بس مش عاجبتك..ممكن تحكيلي اشي واحد عاجبك وانا هلأ بروح اجيبوا..
فقالت:أي اشي بتقدر تجيبوا انا حيكفيني ..
لم يفهم فارس ..ماذا تقصد ياسمين وشعر انها تعمل على استفزازه وقال: ياسمين شو القصة انت بدك ترجعي تجننيني زي اول..
فقالت ساخرة:لا يا حبيبي سلامتك من الجنون انا ما بدي اشي كثير بس بدي اعيش مثل كل البنات بدي اشعر انو جوزي مسؤول عني وكمان بدي اشعر انو الأكل الي راح اوكلوا ..
جوزي بيجيبو مش امه ولا اخوه ومش راح يستقرض من حدا فلوس علشان يعزمني على مطعم..
انا يا حبيبي ما بدي مطاعم انا لو بدي مطاعم بشتري كل مطاعم البلد وانت بتعرف مليح وكمان انا مليت واحنا كل يوم بنحكي عن القصور والسيارات والخدم وانت يا حبيبي مش عم تقدر تجيب اكل للبيت ..
لما تبطل تحلم بصناديق الذهب والكنوز وتفكر كيف راح تشتغل علشان تقدر تعيش ..ولحد ما تصير تفهم بحب اقولك انا لو بموت من الجوع مش راح اوكل شيء انت مش قادر تجيبوا..
ذهل فارس من طريقة تفكير ياسمين وشعر ان كل احلامه قد انهارت في لحظات ولم يفهم لماذا تتصرف ياسمين هكذا ..ولماذا دفعته ليصرف كل ما يملك ويستدين..
وسألها :لماذا يا ياسمين ؟ فقالت له:لاني بدي انسان يحبني واحبوا وبحبوا الحقيقي حطلع من العتمة للنور وما بدي لا قصور ولا خدام فقال بهدوء :بس يا حبيبتي المنطق بحكي اذا كانت الفلوس موجودة وكثيرة ، بنقدر نستغلها وممكن نعمل فيها اشياء كثيرة .
فقالت ياسمين: الفلوس ما الها قيمة عندي واللي عاش حياة مثل حياتنا بعرف معنى كلامي والاحلام والسعادة عمرها ما بتنشرى ..
والقرار هلأ بايدك ويا الله رجعني على البيت عاد فارس وياسمين الى البيت وكلما حاول ان يقنعها ان تأكل تصدت له ومنعته من الحديث في هذا الموضوع وفي اليوم التالي وجد فارس نفسه في ورطة كبيرة فهو يعرف انه اذ لم يعمل بسرعة فلن تأكل ياسمين وهي عنيده ولن تتراجع..
فخرج من البيت وعاد بعد ساعات الظهر سعيدا ...استقبلته ياسمين كعادتها وسألته فأخبرها انه استطاع عقد صفقة تجارية صغيرة حصل منها على بعض النقود واحضر معه الطعام ...
فرحت ياسمين وقال لها فارس :والان سنتاول الطعام معا ..اعدت ياسمين الطعام وجلس وبدأ بتناوله وياسمين جالسة تبتسم ولا تأكل...
توقف فارس عن الاكل وسألها :شو القصة فابتسمت وقالت له :كل يا حبيبي بالهنا والشفا ..علم فارس انه لن يستطيع خداع ياسمين وشعر بتأنيب الضمير فترك الطعام وخرج من البيت واصر ان يعمل بأي شيء هذه الليلة حتى يحضر الطعام..
وحالفه الحظ ووجد عملا لعدة ساعات مقابل مبلغ صغير ولم يكن يتخيل فارس نفسه انه سيقوم بمثل هذه العمل ...وبعد منتصف الليل عاد ومعه الطعام فأكل هو وياسمين وفي اليوم التالي فعل الشيء نفسه واخذ فارس يصارع الوقت ويسابقه فهو مجبور على توفير الطعام لعدة ايام بأي ثمن والطريقة الوحيدة التي ترضى بها ياسمين هي من خلال عمله وفي نفس الوقت يحاول ان يكسب الوقت للعودة لعمله القديم المريح في عقد الصفقات التجارية التي تحتاج الى وقت لتثمر ثمارها ..
وهكذا اخذ فارس يعمل بالليل وبالنهار يبذل جهده للعودة الى عمله السابق وايجاد طريقة للخروج من ديونه التي بدأت تلاحقه حتى وصلت البيت...
وصل فارس الى درجة من الارهاق لم يعهده من قبل وكانت ياسمين تترقبه وهو عائد الى البيت لا يقوى على الحراك وتلح عليه ان يحدثها عن عمله وتضحك احيانا بصوت عالي وخاصة حينما يحدثها فارس بانه عمل في احد الاعمال التي لا تتناسب مع شخصيته وهكذا استمرت ياسمين توقظ فارس في الصباح الباكر وفارس مجبرا وليس مخيرا في الذهاب الى العمل ويتنقل فارس من عمل الى اخر وكلما كاد ينجح في عقد صفقة ما..تعب عليها لعدة ايام حتى تغنيه عن الاعمال الجسدية في المطاعم وغيرها ليتقاضى اجرا يوميا وجد ان الصفقة فشلت وضاع الامل.
في احد المطاعم بالجليل حيث عمل فارس لثلاثة ايام الاخيرة وفي ساعة متأخرة من الليل لمح فارس على احدى الطاولات في زاوية المطعم امرأة ترتدي العباءة والخمار خفق قلب فارس وارتبك وهو يقترب منها ليتأكد ان كانت هذه ياسمين ام واحدة اخرى.. ومن الطريقة التي تمسك بها السيجارة ادرك فارس انها ياسمين فلا يمكن لواحدة اخرى ترتدي هذه الملابس ان تحضر الى هذا المكان في الليل لوحدها اقترب من الطاولة وحرص على ان لا يثير الاهتمام
وقال :ياسمين شو بتسوي هون انت انجنيتي..؟
فقالت بلهجة الامر: اذا سمحت كاس ويسكي مع ثلج.
فقال لها: ياسمين بس مزح..
فقالت: بتحب اطلب من جرسون ثاني..؟!
وتجنبا للأحراج ذهب فارس واحضر كأس الويسكي وهو يعلم انه اذا لم يفعل ذلك فلن تهتم ياسمين ان طلبت ذلك من أي شخص اخر..وضع فارس كأس الويسكي امامها
وقال:لا تقول لي انك حتشربيه ..فأمسكت ياسمين الكأس بيدها وشربته على دفعة واحدة وقالت:انت مش احسن مني يا حبيبي ..
واخذ فارس يلتفت حوله ورأى ان كل من في المطعم ينظر بأتجاه ياسمين
فقال لها: شايفة الناس كيف بتطلع..
فوقفت ياسمين وقالت له: طيب بلاش احرجك اكثر من هيك امشي نطلع من هون ..
خرج فارس معها دون ان يستأذن احد وسارا لعدة امتار ...
وقالت له ياسمين: تعال اوصلك بسيارتي الحلوة...فوجيء فارس حينما رأى ياسمين تستقل سيارة المرسيدس التي باعها قبل مدة...وركب بجانبها واخذت ياسمين تقود السيارة كعادتها..وطلب منها فارس ان تتمهل..
فقالت له: سيارتي وانا حرة كيف اسوقها .
.
فابتسم فارس وقال: بس انت قبل مدة كنت متشائمة منها..!
فقالت:مش صحيح انا كنت مش مرتاحة لوجودها ومش معقول اتشائم منها....وفيها كان اول لقاء بيني وبينك ولا انسيت انك وصلتني فيها على كفركنا.
فقال فارس:ولو كيف ممكن انا انسى بس ممكن اعرف كيف حضرتك رجعتيها..
فقالت: بسيطة كثير اعرفت المعرض الي انت بعتها فيه بتراب الفلوس واتصلت فيه وشتريتها منو من جديد.
فقال فارس مستاءا:طيب ليش هاللفة والدورة يا ياسمين ..ماكان من الاول ممكن تخلي السيارة وما تخليني ابيعها.
فقالت:انا ما قلتلك تبيعها انت بعتها لوحدك ..
فقال :طب ممكن افهم ليش جايتني بهاليل ...!!
فقالت: اشتقتلك كثير وحبيت اجي اشوفك...وبعدين اجيت اذكرك انو ماظل الا عشرة ايام على موعد زواجنا وحضرتك بتطلع من الصبح وبترجعلي بنصف الليل تعبان وقبل ما احكي معك بتكون نايم ايش اعمل انا قررت اني اجيك على شغلك علشان اذكرك ..
فقال: طيب ممكن حضرتك تحكيلي شو اعمل علشان اعمله..
فقالت: معك حق انا انسيت انو لازم احكيلك احنا بدنا نتجوز بعد عشرة ايام وانا الي لازم احكيلك شو تسوي..انت حتصير جوزي بقى الامر بأيدك مش بأيدي الا اذا بتحب تتجوز على طريقتي انا ..ما عندي مشكلة.
فقال فارس: مش مشكلة من هان لعشرة ايام بصير خير .
فقالت ياسمين:طيب بنشوف بس جيت اطمئن انك دبرت حالك علشان مصاريف العرس والبدلة والحفلة ..
ما انت عارف هاي اشياء بتكلف ولا يا حبيبي مركن على امك تجوزك.
استفز فارس واخذ يضحك ضحكة قهر وهو ينظر الى ياسمين وهو يعلم ان ياسمين ان قالت كلمة لن تتنازل عنها وان كانت تنوي على ما قالته حول الحفل فهذه ستكون نهايته
وقال:يا ياسمين يا حبيبتي انت بتستمتعي في اللي بتعمليه في...ّ يا روحي ..انا بني ادم ممكن اعمل بس الي بقدر عليه حضرتك بدك اياني اشتغل أي شغل وان انا ما اشتغلت ما بترضي توكلي ...
وانت اكثر وحده في الدنيا بتعرفي اني على الحديدة وبدك خلال عشرة ايام اشتغل واجيب فلوس واعمل حفلة
وعرس يا حبيبتي ما انت عارفه البير وغطاه وبعدين حفلة شو هاي الي بتحكي عليها وانت ما بدك حد يشوف وجهك وبدله عرس كمان ..ممكن افهم انت بتخططي لشو وشو رايك تحكيلي من الاخر علشان انا متأكد انو الي بدك اياه انت هو الي راح يمشي والله يخليك لا تفكري انك توقفي السيارة بنص الشارع.
فقالت ياسمين :اول شيء صحيح انا كنت مفكره اوقف السيارة بنص الشارع لانو كلامك استفزني بس علشان طلبت مش راح اوقفها..وبعدين ممكن افهم انا شو حكيت اشي غلط وكيف حضرتك مفكر تتجوزني.
فقال فارس بهدوء خشية ان تغضب ياسمين:انا يا حبيبتي كيف بدك انت ..انا جاهز.. بدك حفلة حاضر..بدك بدلة عرس جاهز ..انا ما عندي مشكلة..بس علشان الوضع وشروط العجوز انو ما حد يشوف وجهك فكرت انو ممكن تعملي حفلة صغيرة في البيت.
فاحتدت ياسمين وقالت: شو يا فارس وليش هالغلبة ممكن تعمل مثل ما عمل سيدك سالم الدهري وتكتب ورقة والسلام...ما انا من بنات جورجيت.. كمان والورقة كثيرة عليّ خليني جارية عندك احسن.
فقال فارس: كلامك مش صحيح يا ياسمين انت احسن من كل بنات الدنيا وايش بدك انا جاهز .
فقالت: بعرف انه انا احسن من كل بنات الدنيا ...انا بدي مثل ما بتتمناه أي بنت لنفسها...
بدي حفلة كبيرة يحضروها ناس كثير وبدي اغلى واجمل فستان فرح وبدي كل شيء ممكن تحلم فيه أي عروس يوم فرحها...وكمان يا حبيبي الأهم من كل هذا حنتجوز مرتين مرة على طريقتك ومرة على طريقتي...
فقال فارس:مش فاهم بس بفكر انو تجوزنا على طريقتك في المقبرة.
فقالت: يا حبيبي خلي المقابر لاهل المقابر...هلأ احنا برا المقابر حتجوزك على طريقتك وحتجوزني على طريقتي ولا تنسى اني من بنات جورجيت ..
شعر فارس ان الامور تتأزم وهو يعرف انه لا يملك أي خيار فالأمور يجب ان تسير كما خططت لها ياسمين ولن تتنازل ياسمين عن شيء وقال لها:ياسمين اكيد انت فكرت وخططت وعارفه شو راح يصير...