قد اتفق خبراء الاجتماع وعلماء النفس والتربية على أهمية إشراك المراهق في
المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح
مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة، وكذا إحاطته علماً بالأمور
الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يقع فريسة للجهل والضياع
أو الإغراء".
كما أوصوا بأهمية " تشجيع النشاط الترويحي الموجه
والقيام بالرحلات والاشتراك في مناشط الساحات الشعبية والأندية، كما يجب
توجيههم نحو العمل بمعسكرات الكشافة، والمشاركة في مشروعات الخدمة العامة
والعمل الصيفي... إلخ".
كما أكدت الدراسات العلمية أن أكثر من 80% من
مشكلات المراهقين في عالمنا العربي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور
تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، ومن ثم يحجم
الأبناء، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم
أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها.
وقد أجمعت
الاتجاهات الحديثة في دراسة طب النفس أن الأذن المصغية في تلك السن هي
الحل لمشكلاتها، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من
زي النصح والتوجيه بالأمر، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر، و
بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر،
هو السبيل الأمثال لتكوين علاقة حميمة بين الآباء وأبنائهم في سن
المراهقة".
وقد أثبتت دراسة قامت بها الـ (Gssw) المدرسة المتخصصة
للدراسات الاجتماعية بالولايات المتحدة على حوالي 400 طفل، بداية من سن
رياض الأطفال وحتى سن 24 على لقاءات مختلفة في سن 5، 9، 15، 18، 21، أن
المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها
بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلية محببة يشارك فيها
الجميع، ويهتم جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض، هم الأقل ضغوطًا، والأكثر
إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشاكلها، في حين كان الآخرون أكثر عرضة
للاكتئاب والضغوط النفسية.
* حلول عملية:
ولمساعدة الأهل على حسن التعامل مع المراهق ومشاكله، نقدم فيما يلي نماذج لمشكلات يمكن أن تحدث مع حل عملي، سهل التطبيق، لكل منها.
المشكلة الأولى: وجود حالة من "الصدية" أو السباحة ضد تيار الأهل بين المراهق وأسرته، وشعور الأهل والمراهق بأن كل واحد منهما لا يفهم الآخر.
- الحل المقترح:
تقول الأستاذة منى يونس (أخصائية علم النفس): إن السبب في حدوث هذه
المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة
التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي
لاختلاف الأجيال والأزمان، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم
وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم؛
لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم
لا يستطيعون فهمها، أو أنهم - حتى إن فهموها - ليسوا على استعداد لتعديل
مواقفهم.
ومعالجة هذه المشكلة
لا تكون إلا بإحلال الحوار الحقيقي بدل التنافر والصراع والاغتراب
المتبادل، ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلاً لا شكلاً بحيث يشعر
المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده - حتى لو لم يكن الأهل
موافقين على كل آرائه ومواقفه - وأن له حقاً مشروعاً في أن يصرح بهذه
الآراء. الأهم من ذلك أن يجد المراهق لدى الأهل آذاناً صاغية وقلوباً
متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة، كما ينبغي أن نفسح له المجال ليشق
طريقه بنفسه حتى لو أخطأ، فالأخطاء طريق للتعلم،
وليختر الأهل الوقت المناسب لبدء الحوار مع المراهق، بحيث يكونا غير مشغولين، وأن يتحدثا جالسين،
جلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، وليحذرا نبرة التوبيخ، والنهر، والتسفيه..
حاولا
الابتعاد عن الأسئلة التي تكون إجاباتها "بنعم" أو "لا"، أو الأسئلة غير
الواضحة وغير المباشرة، وافسحا له مجالاً للتعبير عن نفسه، ولا تستخدما
ألفاظاً قد تكون جارحة دون قصد، مثل: "كان هذا خطأ" أو "ألم أنبهك لهذا
الأمر من قبل؟".
المشكلة الثانية:
شعور المراهق بالخجل والانطواء، الأمر الذي يعيقه عن تحقيق تفاعله
الاجتماعي، وتظهر عليه هاتين الصفتين من خلال احمرار الوجه عند التحدث،
والتلعثم في الكلام وعدم الطلاقة، وجفاف الحلق.
- الحل المقترح:
إن أسباب الخجل والانطواء عند المراهق متعددة، وأهمها: عجزه عن مواجهة
مشكلات المرحلة، وأسلوب التنشئة الاجتماعية الذي ينشأ عليه، فالتدليل
الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعوره بالاعتماد على الآخرين في حل
مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على
نفسه، فيحدث صراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي،
والانطواء والخجل عند التحدث مع الآخرين.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـ:
توجيه المراهق بصورة دائمة وغير مباشرة، وإعطاء مساحة كبيرة للنقاش
والحوار معه، والتسامح معه في بعض المواقف الاجتماعية، وتشجيعه على التحدث
والحوار بطلاقة مع الآخرين، وتعزيز ثقته بنفسه.
المشكلة الثالثة:
عصبية المراهق واندفاعه، وحدة طباعه، وعناده، ورغبته في تحقيق مطالبه
بالقوة والعنف الزائد، وتوتره الدائم بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين
به.
- الحل المقترح:
يرى الدكتور عبد العزيز محمد الحر، أن لعصبية المراهق أسباباً كثيرة،
منها: أسباب مرتبطة بالتكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد
الوالدين عصبياً فعلاً، ومنها: أسباب بيئية، مثل: نشأة المراهق في جو
تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب.
كما أن الحديث مع
المراهقين بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف، يؤدي بهم إلى أن يتصرفوا
ويتكلموا بالطريقة نفسها، بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيراً، فالمراهقون
يتعلمون العصبية في معظم الحالات من الوالدين أو المحيطين بهم، كما أن
تشدد الأهل معهم بشكل مفرط، ومطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من
التصرفات والسلوكيات، يجعلهم عاجزين عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة
إحساس هؤلاء المراهقين بأن عدواناً يمارس عليهم، يؤدي إلى توترهم
وعصبيتهم، ويدفعهم ذلك إلى عدوانية السلوك الذي يعبرون عنه في صورته
الأولية بالعصبية، فالتشدد المفرط هذا يحولهم إلى عصبيين، ومتمردين.
وهناك
أسباب أخرى لعصبية المراهقين كضيق المنزل، وعدم توافر أماكن للهو، وممارسة
أنشطة ذهنية أو جسدية، وإهمال حاجتهم الحقيقية للاسترخاء والراحة لبعض
الوقت.
ويرى الدكتور الحر أن علاج عصبية المراهق يكون من خلال
الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم، فلا بد للمراهق من الشعور
بالأمان في المنزل.. الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في
الدراسة، والأمر الآخر هو الحب فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم
معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب، والعدل في
التعامل مع الأبناء ضروري؛ لأن السلوك التفاضلي نحوهم يوجد أرضاً خصبة
للعصبية، فالعصبية ردة فعل لأمر آخر وليست المشكلة نفسها، والاستقلالية
مهمة، فلا بد من تخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم
بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد، فالاستقلالية شعور محبب لدى
الأبناء خصوصاً في هذه السن، ولابد من الحزم مع المراهق، فيجب ألا يترك
لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد،
وإنما يجب أن يعي أن مثل ما له من حقوق، فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها،
وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها.
الموضوع الأصلى من هنا طرق علاج المشاكل التى يمر بها المراهق | من موقع : منتديات المعهد العربي
المشكلة الرابعة:
ممارسة المراهق للسلوك المزعج، كعدم مراعاة الآداب العامة، والاعتداء على
الناس، وتخريب الممتلكات والبيئة والطبيعة، وقد يكون الإزعاج لفظياً أو
عملياً.
- الحل المقترح:
من أهم أسباب السلوك المزعج عند المراهق: رغبته في تحقيق مقاصده الخاصة
دون اعتبار للمصلحة العامة، والأفكار الخاطئة التي تصل لذهنه من أن
المراهق هو الشخص القوي الشجاع، وهو الذي يصرع الآخرين ويأخذ حقوقه بيده
لا بالحسنى، وأيضاً الإحباط والحرمان والقهر الذي يعيشه داخل الأسرة،
وتقليد الآخرين والاقتداء بسلوكهم الفوضوي، والتعثر الدراسي، ومصاحبة
أقران السوء.
أما مظاهر السلوك المزعج، فهي: نشاط حركي زائد يغلب عليه
الاضطراب والسلوكيات المرتجلة، واشتداد نزعة الاستقلال والتطلع إلى
القيادة، وتعبير المراهق عن نفسه وأحاسيسه ورغباته بطرق غير لائقة
(الصراخ، الشتم، السرقة، القسوة، الجدل العقيم، التورط في المشاكل، والضجر
السريع، والتأفف من الاحتكاك بالناس، وتبرير التصرفات بأسباب واهية،
والنفور من النصح، والتمادي في العناد).
أما مدخل العلاج فهو
تبصير المراهق بعظمة المسؤوليات التي تقع على كاهله وكيفية الوفاء
بالأمانات، وإشغاله بالخير والأعمال المثمرة البناءة، وتصويب المفاهيم
الخاطئة في ذهنه، ونفي العلاقة المزعومة بين الاستقلالية والتعدي على
الغير، وتشجيعه على مصاحبة الجيدين من الأصدقاء ممن لا يحبون أن يمدوا يد
الإساءة للآخرين، وإرشاده لبعض الطرق لحل الأزمات ومواجهة عدوان الآخرين
بحكمة، وتعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر إلى القيام بسلوك إيجابي يدل
على احترامه للآخرين من خلال المدح والثناء، والابتعاد عن الألفاظ
الاستفزازية والبرمجة السلبية وتجنب التوبيخ قدر المستطاع.
المشكلة الخامسة:
تعرض المراهق إلى سلسلة من الصراعات النفسية والاجتماعية المتعلقة بصعوبة
تحديد الهوية ومعرفة النفس يقوده نحو التمرد السلبي على الأسرة وقيم
المجتمع، ويظهر ذلك في شعوره بضعف الانتماء الأسري، وعدم التقيد بتوجيهات
الوالدين، والمعارضة والتصلب في المواقف، والتكبر، والغرور، وحب الظهور،
وإلقاء اللوم على الآخرين، التلفظ بألفاظ نابية.
- الحل المقترح:
إن غياب التوجيه السليم، والمتابعة اليقظة المتزنة، والقدوة الصحيحة يقود
المراهق نحو التمرد، ومن أسباب التمرد أيضاً: عيش المراهق في حالة صراع
بين الحنين إلى مرحلة الطفولة المليئة باللعب وبين التطلع إلى مرحلة
الشباب التي تكثر فيها المسؤوليات، وكثرة القيود الاجتماعية التي تحد من
حركته، وضعف الاهتمام الأسري بمواهبه وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة، وتأنيب
الوالدين له أمام إخوته أو أقربائه أو أصدقائه، ومتابعته للأفلام والبرامج
التي تدعو إلى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية والعنف.
ويرى كل
من الدكتور بدر محمد ملك، والدكتورة لطيفة حسين الكندري أن علاج تمرد
المراهق يكون بالوسائل التالية: السماح للمراهق بالتعبير عن أفكاره
الشخصية، وتوجيهه نحو البرامج الفعالة لتكريس وممارسة مفهوم التسامح
والتعايش في محيط الأندية الرياضية والثقافية، وتقوية الوازع الديني من
خلال أداء الفرائض الدينية والتزام الصحبة الصالحة ومد جسور التواصل
والتعاون مع أهل الخبرة والصلاح في المحيط الأسري وخارجه، ولا بد من تكثيف
جرعات الثقافة الإسلامية، حيث إن الشريعة الإسلامية تنظم حياة المراهق لا
كما يزعم أعداء الإسلام بأنه يكبت الرغبات ويحرم الشهوات، والاشتراك مع
المراهق في عمل أنشطة يفضلها، وذلك لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول
التوافق وبناء جسور التفاهم، وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ
القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت
مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة
السلبية، وتجنب عبارات: أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت
دائماً تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبداً...إلخ؛ لأن هذه الكلمات والعبارات
تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من
العلاج.
المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاته، وتعويده على طرح
مشكلاته، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة، وكذا إحاطته علماً بالأمور
الجنسية عن طريق التدريس العلمي الموضوعي، حتى لا يقع فريسة للجهل والضياع
أو الإغراء".
كما أوصوا بأهمية " تشجيع النشاط الترويحي الموجه
والقيام بالرحلات والاشتراك في مناشط الساحات الشعبية والأندية، كما يجب
توجيههم نحو العمل بمعسكرات الكشافة، والمشاركة في مشروعات الخدمة العامة
والعمل الصيفي... إلخ".
كما أكدت الدراسات العلمية أن أكثر من 80% من
مشكلات المراهقين في عالمنا العربي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء الأمور
تسيير أولادهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، ومن ثم يحجم
الأبناء، عن الحوار مع أهلهم؛ لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم
أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم لا يستطيعون فهمها أو حلها.
وقد أجمعت
الاتجاهات الحديثة في دراسة طب النفس أن الأذن المصغية في تلك السن هي
الحل لمشكلاتها، كما أن إيجاد التوازن بين الاعتماد على النفس والخروج من
زي النصح والتوجيه بالأمر، إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل الخواطر، و
بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق والأخ لا بلغة ولي الأمر،
هو السبيل الأمثال لتكوين علاقة حميمة بين الآباء وأبنائهم في سن
المراهقة".
وقد أثبتت دراسة قامت بها الـ (Gssw) المدرسة المتخصصة
للدراسات الاجتماعية بالولايات المتحدة على حوالي 400 طفل، بداية من سن
رياض الأطفال وحتى سن 24 على لقاءات مختلفة في سن 5، 9، 15، 18، 21، أن
المراهقين في الأسرة المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها
بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلية محببة يشارك فيها
الجميع، ويهتم جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض، هم الأقل ضغوطًا، والأكثر
إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشاكلها، في حين كان الآخرون أكثر عرضة
للاكتئاب والضغوط النفسية.
* حلول عملية:
ولمساعدة الأهل على حسن التعامل مع المراهق ومشاكله، نقدم فيما يلي نماذج لمشكلات يمكن أن تحدث مع حل عملي، سهل التطبيق، لكل منها.
المشكلة الأولى: وجود حالة من "الصدية" أو السباحة ضد تيار الأهل بين المراهق وأسرته، وشعور الأهل والمراهق بأن كل واحد منهما لا يفهم الآخر.
- الحل المقترح:
تقول الأستاذة منى يونس (أخصائية علم النفس): إن السبب في حدوث هذه
المشكلة يكمن في اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة
التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي
لاختلاف الأجيال والأزمان، فالوالدان يحاولان تسيير أبنائهم بموجب آرائهم
وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم، وبالتالي يحجم الأبناء عن الحوار مع أهلهم؛
لأنهم يعتقدون أن الآباء إما أنهم لا يهمهم أن يعرفوا مشكلاتهم، أو أنهم
لا يستطيعون فهمها، أو أنهم - حتى إن فهموها - ليسوا على استعداد لتعديل
مواقفهم.
ومعالجة هذه المشكلة
لا تكون إلا بإحلال الحوار الحقيقي بدل التنافر والصراع والاغتراب
المتبادل، ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلاً لا شكلاً بحيث يشعر
المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده - حتى لو لم يكن الأهل
موافقين على كل آرائه ومواقفه - وأن له حقاً مشروعاً في أن يصرح بهذه
الآراء. الأهم من ذلك أن يجد المراهق لدى الأهل آذاناً صاغية وقلوباً
متفتحة من الأعماق، لا مجرد مجاملة، كما ينبغي أن نفسح له المجال ليشق
طريقه بنفسه حتى لو أخطأ، فالأخطاء طريق للتعلم،
وليختر الأهل الوقت المناسب لبدء الحوار مع المراهق، بحيث يكونا غير مشغولين، وأن يتحدثا جالسين،
جلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، وليحذرا نبرة التوبيخ، والنهر، والتسفيه..
حاولا
الابتعاد عن الأسئلة التي تكون إجاباتها "بنعم" أو "لا"، أو الأسئلة غير
الواضحة وغير المباشرة، وافسحا له مجالاً للتعبير عن نفسه، ولا تستخدما
ألفاظاً قد تكون جارحة دون قصد، مثل: "كان هذا خطأ" أو "ألم أنبهك لهذا
الأمر من قبل؟".
المشكلة الثانية:
شعور المراهق بالخجل والانطواء، الأمر الذي يعيقه عن تحقيق تفاعله
الاجتماعي، وتظهر عليه هاتين الصفتين من خلال احمرار الوجه عند التحدث،
والتلعثم في الكلام وعدم الطلاقة، وجفاف الحلق.
- الحل المقترح:
إن أسباب الخجل والانطواء عند المراهق متعددة، وأهمها: عجزه عن مواجهة
مشكلات المرحلة، وأسلوب التنشئة الاجتماعية الذي ينشأ عليه، فالتدليل
الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعوره بالاعتماد على الآخرين في حل
مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على
نفسه، فيحدث صراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي،
والانطواء والخجل عند التحدث مع الآخرين.
ولعلاج هذه المشكلة ينصح بـ:
توجيه المراهق بصورة دائمة وغير مباشرة، وإعطاء مساحة كبيرة للنقاش
والحوار معه، والتسامح معه في بعض المواقف الاجتماعية، وتشجيعه على التحدث
والحوار بطلاقة مع الآخرين، وتعزيز ثقته بنفسه.
المشكلة الثالثة:
عصبية المراهق واندفاعه، وحدة طباعه، وعناده، ورغبته في تحقيق مطالبه
بالقوة والعنف الزائد، وتوتره الدائم بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين
به.
- الحل المقترح:
يرى الدكتور عبد العزيز محمد الحر، أن لعصبية المراهق أسباباً كثيرة،
منها: أسباب مرتبطة بالتكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد
الوالدين عصبياً فعلاً، ومنها: أسباب بيئية، مثل: نشأة المراهق في جو
تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب.
كما أن الحديث مع
المراهقين بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف، يؤدي بهم إلى أن يتصرفوا
ويتكلموا بالطريقة نفسها، بل قد يتمادوا للأشد منها تأثيراً، فالمراهقون
يتعلمون العصبية في معظم الحالات من الوالدين أو المحيطين بهم، كما أن
تشدد الأهل معهم بشكل مفرط، ومطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من
التصرفات والسلوكيات، يجعلهم عاجزين عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة
إحساس هؤلاء المراهقين بأن عدواناً يمارس عليهم، يؤدي إلى توترهم
وعصبيتهم، ويدفعهم ذلك إلى عدوانية السلوك الذي يعبرون عنه في صورته
الأولية بالعصبية، فالتشدد المفرط هذا يحولهم إلى عصبيين، ومتمردين.
وهناك
أسباب أخرى لعصبية المراهقين كضيق المنزل، وعدم توافر أماكن للهو، وممارسة
أنشطة ذهنية أو جسدية، وإهمال حاجتهم الحقيقية للاسترخاء والراحة لبعض
الوقت.
ويرى الدكتور الحر أن علاج عصبية المراهق يكون من خلال
الأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية، والحزم، فلا بد للمراهق من الشعور
بالأمان في المنزل.. الأمان من مخاوف التفكك الأسري، والأمان من الفشل في
الدراسة، والأمر الآخر هو الحب فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم
معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب، والعدل في
التعامل مع الأبناء ضروري؛ لأن السلوك التفاضلي نحوهم يوجد أرضاً خصبة
للعصبية، فالعصبية ردة فعل لأمر آخر وليست المشكلة نفسها، والاستقلالية
مهمة، فلا بد من تخفيف السلطة الأبوية عن الأبناء وإعطائهم الثقة بأنفسهم
بدرجة أكبر مع المراقبة والمتابعة عن بعد، فالاستقلالية شعور محبب لدى
الأبناء خصوصاً في هذه السن، ولابد من الحزم مع المراهق، فيجب ألا يترك
لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد،
وإنما يجب أن يعي أن مثل ما له من حقوق، فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها،
وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها.
الموضوع الأصلى من هنا طرق علاج المشاكل التى يمر بها المراهق | من موقع : منتديات المعهد العربي
المشكلة الرابعة:
ممارسة المراهق للسلوك المزعج، كعدم مراعاة الآداب العامة، والاعتداء على
الناس، وتخريب الممتلكات والبيئة والطبيعة، وقد يكون الإزعاج لفظياً أو
عملياً.
- الحل المقترح:
من أهم أسباب السلوك المزعج عند المراهق: رغبته في تحقيق مقاصده الخاصة
دون اعتبار للمصلحة العامة، والأفكار الخاطئة التي تصل لذهنه من أن
المراهق هو الشخص القوي الشجاع، وهو الذي يصرع الآخرين ويأخذ حقوقه بيده
لا بالحسنى، وأيضاً الإحباط والحرمان والقهر الذي يعيشه داخل الأسرة،
وتقليد الآخرين والاقتداء بسلوكهم الفوضوي، والتعثر الدراسي، ومصاحبة
أقران السوء.
أما مظاهر السلوك المزعج، فهي: نشاط حركي زائد يغلب عليه
الاضطراب والسلوكيات المرتجلة، واشتداد نزعة الاستقلال والتطلع إلى
القيادة، وتعبير المراهق عن نفسه وأحاسيسه ورغباته بطرق غير لائقة
(الصراخ، الشتم، السرقة، القسوة، الجدل العقيم، التورط في المشاكل، والضجر
السريع، والتأفف من الاحتكاك بالناس، وتبرير التصرفات بأسباب واهية،
والنفور من النصح، والتمادي في العناد).
أما مدخل العلاج فهو
تبصير المراهق بعظمة المسؤوليات التي تقع على كاهله وكيفية الوفاء
بالأمانات، وإشغاله بالخير والأعمال المثمرة البناءة، وتصويب المفاهيم
الخاطئة في ذهنه، ونفي العلاقة المزعومة بين الاستقلالية والتعدي على
الغير، وتشجيعه على مصاحبة الجيدين من الأصدقاء ممن لا يحبون أن يمدوا يد
الإساءة للآخرين، وإرشاده لبعض الطرق لحل الأزمات ومواجهة عدوان الآخرين
بحكمة، وتعزيز المبادرات الإيجابية إذا بادر إلى القيام بسلوك إيجابي يدل
على احترامه للآخرين من خلال المدح والثناء، والابتعاد عن الألفاظ
الاستفزازية والبرمجة السلبية وتجنب التوبيخ قدر المستطاع.
المشكلة الخامسة:
تعرض المراهق إلى سلسلة من الصراعات النفسية والاجتماعية المتعلقة بصعوبة
تحديد الهوية ومعرفة النفس يقوده نحو التمرد السلبي على الأسرة وقيم
المجتمع، ويظهر ذلك في شعوره بضعف الانتماء الأسري، وعدم التقيد بتوجيهات
الوالدين، والمعارضة والتصلب في المواقف، والتكبر، والغرور، وحب الظهور،
وإلقاء اللوم على الآخرين، التلفظ بألفاظ نابية.
- الحل المقترح:
إن غياب التوجيه السليم، والمتابعة اليقظة المتزنة، والقدوة الصحيحة يقود
المراهق نحو التمرد، ومن أسباب التمرد أيضاً: عيش المراهق في حالة صراع
بين الحنين إلى مرحلة الطفولة المليئة باللعب وبين التطلع إلى مرحلة
الشباب التي تكثر فيها المسؤوليات، وكثرة القيود الاجتماعية التي تحد من
حركته، وضعف الاهتمام الأسري بمواهبه وعدم توجيهها الوجهة الصحيحة، وتأنيب
الوالدين له أمام إخوته أو أقربائه أو أصدقائه، ومتابعته للأفلام والبرامج
التي تدعو إلى التمرد على القيم الدينية والاجتماعية والعنف.
ويرى كل
من الدكتور بدر محمد ملك، والدكتورة لطيفة حسين الكندري أن علاج تمرد
المراهق يكون بالوسائل التالية: السماح للمراهق بالتعبير عن أفكاره
الشخصية، وتوجيهه نحو البرامج الفعالة لتكريس وممارسة مفهوم التسامح
والتعايش في محيط الأندية الرياضية والثقافية، وتقوية الوازع الديني من
خلال أداء الفرائض الدينية والتزام الصحبة الصالحة ومد جسور التواصل
والتعاون مع أهل الخبرة والصلاح في المحيط الأسري وخارجه، ولا بد من تكثيف
جرعات الثقافة الإسلامية، حيث إن الشريعة الإسلامية تنظم حياة المراهق لا
كما يزعم أعداء الإسلام بأنه يكبت الرغبات ويحرم الشهوات، والاشتراك مع
المراهق في عمل أنشطة يفضلها، وذلك لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول
التوافق وبناء جسور التفاهم، وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ
القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت
مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة
السلبية، وتجنب عبارات: أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت
دائماً تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبداً...إلخ؛ لأن هذه الكلمات والعبارات
تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من
العلاج.